كون ما في الأرض جميعا لهم ومثله معه ليفتدوا به ، والضمير عائد على ما دون الكون. فالرافع للفاعل غير الناصب للمفعول معه ، إذ لو كان إياه للزم من ذلك وجود الثبوت مصاحبا للمثل ، والمعنى : على كينونة ما في الأرض مصاحبا للمثل ، لا على ثبوت ذلك مصاحبا للمثل ، وهذا فيه غموض ، وبيانه ، أنك إذا قلت : يعجبني قيام زيد وعمر ، أو جعلت عمرا مفعولا معه ، والعامل فيه يعجبني ، لزم من ذلك أنّ عمرا لم يقم ، وأنه أعجبك القيام وعمرو ، وإن جعلت العامل فيه القيام كان عمرو قائما ، وكان الإعجاب قد تعلق بالقيام مصاحبا لقيام عمرو. (فإن قلت) : هلا ، كان ومثله معه مفعولا معه ، والعامل فيه هو العامل في لهم ، إذ المعنى عليه. (قلت) : لا يصح ذلك لما ذكرناه من وجود معه في الجملة ، وعلى تقدير سقوطها لا يصح لأنهم نصوا على أنّ قولك : هذا لك وأباك ممنوع في الاختيار. وقال سيبويه : وأما هذا لك وأباك ، فقبيح لأنه لم يذكر فعلا ولا حرفا فيه معنى فعل حتى يصير كأنه قد تكلم بالفعل ، فأفصح سيبويه بأن اسم الإشارة وحرف الجر المتضمن معنى الاستقرار لا يعملان في المفعول معه ، ولو كان أحدهما يجوز أن ينتصب المفعول معه لخير بين أن ينسب العمل لاسم الإشارة أو لحرف الجر. وقد أجاز بعض النحويين أن يعمل في المفعول معه الظرف وحرف الجر ، فعلى هذا المذهب يجوز لو كانت الجملة خالية من قوله : معه ، أن يكون ومثله مفعولا معه على أنّ العامل فيه هو العامل في لهم. وقرأ الجمهور : ما تقبل مبنيا للمفعول. وقرأ يزيد بن قطيب : ما تقبل مبنيا للفاعل أي : ما تقبل الله منهم. وفي الكلام جملة محذوفة التقدير : وبذلوه وافتدوا به ما تقبل منهم ، إذ لا يترتب انتفاء التقبل على كينونة ما في الأرض ومثله معه ، إنما يترتب على بذل ذلك أو الافتداء به.
(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) هذا الوعيد هو لمن وافى على الكفر ، وتبينه آية آل عمران (وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ) (١) الآية وهذه الجملة يجوز أن تكون عطفا على خبر : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٢) ويجوز أن تكون عطفا على (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وجوزوا أن تكون في موضع الحال وليس بقوي.
(يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ) أي يرجون ، أو يتمنون ، أو يكادون ، أو يسألون ، أقوال متقاربة من حيث المعنى ، والإرادة ممكنة في حقهم ، فلا ينبغي أن تخرج عن
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ٩١.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٣٦.