بكونه من قوم عدو ، وقيد في الجملة الثانية بكونه من قوم معاهدين ، والمعنى في النسب لا في الدين ، لأنه مؤمن وهم كفار. فإذا تقيدت هاتان الجملتان دل ذلك على تقييد الأولى بأن يكون من المؤمنين في النسب ، وهي من قتل مؤمنا خطأ كأنه قال : وأهله مؤمنون لا حربيون ولا معاهدون. ولا يمكن حمله على الإطلاق للتعارض والتعاند الذي بينه وبين الآيتين بعد.
وقال أبو بكر الرازي : قوله : وإن كان من قوم عدو لكم ، استئناف كلام لم يتقدم له ذكر في الخطاب ، لأنه لا يجوز أعط هذا رجلا وإن كان رجلا فاعطه ، فهذا كلام فاسد لا يتكلم به حكيم ، فثبت أنّ هذا المؤمن المعطوف على الأول غير داخل في الخطاب. ثم قال : ظاهر الآية يعني : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق ، يقتضي أن يكون المقتول المذكور في الآية ذا عهد ، وأنه غير جائز إضمار الإيمان له إلا بدلالة ، ويدل عليه : أنه لما أراد مؤمنا من أهل دار الحرب ذكر الإيمان فقال : وهو مؤمن ، لأنه لو أطلق لاقتضى الإطلاق أن يكون كافرا من قوم عدو لكم انتهى كلامه.
أما قوله : استئناف لم يتقدم له ذكر في الخطاب ، فليس بصحيح ، بل تقدم له ذكر في الخطاب في قوله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ، ومن قتل مؤمنا خطأ ، ولكنه ليس استئنافا ، إنما هو من باب التقسيم كما ذكرناه. بدأ أولا بالأشرف وهو المؤمن ، وأهله مؤمنون ليسوا بحربيين ولا معاهدين. وأما قوله : لأنه لا يجوز أعط هذا رجلا وإن كان رجلا فأعطه ، فهذا ليس نظير الآية بوجه ، وإنما الضمير في كان عائدا على المقتول خطأ ، المؤمن إذا كان من قوم عدو لكم ، وجاء قوله : وهو مؤمن على سبيل التوكيد لا سبيل التقييد ، إذ القيد مفهوم مما قبله في الاستثناء ، وفي جملة الشرط. وقوله : ويدل عليه إلى آخره ، لا يدل عليه لما ذكرنا أنّ الحال مؤكدة ، وفائدة تأكيدها أن لا يتوهم أنّ الضمير يعود على مطلق المقتول لا بقيد الإيمان. وقوله : لأنه لو أطلق لاقتضى الإطلاق أن يكون كافرا من قوم عدو ، وليس كذلك بل لو لم يأت بقوله : وهو مؤمن ، لكان الضمير الذي في كان عائدا على المقتول خطأ ، لأنّه لم يجر ذكر لغيره ، فلا يعود الضمير على غير من لم يجر له ذكر ، ويترك عوده على ما يجري عليه ذكر.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) يعني : رقبة لم يملكها ، ولا وجد ما يتوصل به إلى ملكها ، فعليه صيام شهرين متتابعين. وظاهر الآية يقضي أنه لا يجب غير ذلك ، إذ