وفي الثاني لا يحتاج إلى هذا التقدير ، لأن العهد في الاسم يتضمن الاسم به جميع الصفات التي للاسم ، فلا يحتاج إلى تقدير حذف.
ومهيمنا عليه أي أمينا عليه ، قاله ابن عباس في رواية التيمي ، وابن جبير ، وعكرمة ، وعطاء ، والضحاك ، والحسن. وقال ابن جريج : القرآن أمين على ما قبله من الكتب ، فما أخبر أهل الكتاب عن كتابهم فإن كان في القرآن فصدّقوا ، وإلا فكذبوا. وقال ابن عباس في رواية أبي صالح : شاهدا. وبه قال الحسن أيضا وقتادة ، والسدّي ، ومقاتل ، وقال ابن زيد : مصدّقا على ما أخبر من الكتب ، وهذا قريب من القول الأول. وقال الخليل : المهيمن هو الرقيب الحافظ. ومنه قوله :
إن الكتاب مهيمن لنبينا |
|
والحق يعرفه ذوو الألباب |
وحكاه الزجاج ، وبه فسر الزمخشري قال : ومهيمنا رقيبا على سائر الكتب ، لأنه يشهد لها بالصحة والبيان انتهى. وقال الشاعر :
مليك على عرش السماء مهيمن |
|
لعزته تعنو الوجوه وتسجد |
فسر بالحافظ ، وهذا في صفات الله. وأما في القرآن فمعناه أنه حافظ للدّين والأحكام. وقال الضحاك أيضا : معناه قاضيا. وقال عكرمة أيضا : معناه دالا. وقال ابن عطية : وقد ذكر أقوالا أنه شاهد ، وأنه مؤتمن ، وأنه مصدّق ، وأنه أمين ، وأنه رقيب ، قال : ولفظة المهيمن أخص من هذه الألفاظ ، لأن المهيمن على الشيء هو المعنى بأمره الشاهد على حقائقه الحافظ لحامله ، فلا يدخل فيه ما ليس منه ، والقرآن جعله الله مهيمنا على الكتب يشهد بما فيها من الحقائق وعلى ما نسبه المحرّفون إليها ، فيصحح الحقائق ويبطل التحريف. وقرأ مجاهد وابن محيصن : ومهيمنا بفتح الميم الثانية ، جعله اسم مفعول أي مؤمن عليه ، أي : حفظ من التبديل والتغيير. والفاعل المحذوف هو الله أو الحافظ في كل بلد ، لو حذف منه حرف أو حركة أو سكون لتنبه له وأنكر ذلك. وردّ ففي قراءة اسم الفاعل الضمير في عليه عائد على الكتاب الثاني. وفي قراءة اسم المفعول عائد على الكتاب الأول ، وفي كلا الحالين هو حال من الكتاب الأول لأنه معطوف على مصدّقا والمعطوف على الحال حال. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قراءته بالفتح وقال : معناه محمد مؤتمن على القرآن. قال الطبري : فعلى هذا يكون مهيمنا حالا من الكاف في إليك. وطعن في هذا القول لوجود الواو في ومهيمنا ، لأنها عطف على مصدّقا ، ومصدّقا حال من الكتاب لا