عن قاتل المؤمن بغير توبة ، (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (١) ثم ذكر الله تعالى التوبة في قتل الخطأ لما عسى أن يقع من نوع تفريط فيما يجب من الاحتياط والتحفظ فيه حسم للأطماع وأي حسم ، ولكن لا حياة لمن تنادي. (فإن قلت) : هل فيها دليل على طرد من لم يتب من أهل الكبائر؟ (قلت) : ما أبين الدليل فيها ، وهو تناول قوله : ومن يقتل ، أي قاتل كان من مسلم ، أو كافر تائب ، أو غير نائب ، إلا أنّ التائب أخرجه الدليل. فمن ادعى إخراج المسلم غير التائب فليأت بدليل مثله انتهى كلامه. وهو على طريقته الاعتزالية والتعرض لمخالفيه بالسب والتشنيع. وأما قوله : ما أبين الدليل فيها ، فليس ببين ، لأن المدّعي هل فيها دليل على خلود من لم يتب من الكبائر ، وهذا عام في الكبائر. والآية في كبيرة مخصوصة وهي : القتل لمؤمن عمدا ، وهي كونها أكبر الكبائر بعد الشرك ، فيجوز أن تكون هذه الكبيرة المخصوصة حكمها غير حكم سائر الكبائر ، مخصوصة كونها أكبر الكبائر بعد الشرك ، فلا يكون في الآية دليل على ما ذكر ، فظهر أنّ قوله : ما أبين الدّليل منها ، غير صحيح. واختلفوا في ما به يكون قتل العمد ، وفي الحرّ يقتل عبدا عمدا مؤمنا ، هل يقتص منه؟ وذلك موضح في كتب الفقه. وانتصب متعمدا على الحال من الضمير المستكن في يقتل ، والمعنى : متعمدا قتله. وروى عبدان عن الكسائي : تسكين تاء متعمدا ، كأنه يرى توالي الحركات. وتضمنت هذه الآيات من البلاغة والبيان والبديع أنواعا. التتميم في : ومن أصدق من الله حديثا. والاستفهام بمعنى الإنكار في : فما لكم في المنافقين ، وفي : أتريدون أن تهدوا. والطباق في : أن تهدوا من أضل الله. والتجنيس المماثل في : لو تكفرون كما كفروا ، وفي : بينكم وبينهم ، وفي : أن يقاتلوكم أو يقاتلوا ، وفي : أن يأمنوكم ويأمنوا ، وفي : خطأ وخطأ. والاستعارة في : بينكم وبينهم ، وفي : حصرت صدورهم ، وفي : فإن اعتزلوكم وألقوا إليكم السلم ، وفي : سبيلا وكلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم الآية. والاعتراض في : ولو شاء الله لسلطهم. والتكرار في مواضع. والتقسيم في : ومن قتل إلى آخره. والحذف في مواضع.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ
__________________
(١) سورة محمد : ٤٧ / ٢٤.