العامل حالين لذي حال واحد لا بحرف عطف إلا أفعل التفضيل ، فالأصح أنه يجوز فيه ذلك ، وذو الحال هنا واحد وهو الضمير المجرور بلام لنا ، ولأنه أيضا تكون الواو دخلت على المضارع ، ولا تدخل واو الحال على المضارع إلا بتأويل ، فيحتاج أن يقدر : ونحن نطمع.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون (وَنَطْمَعُ) حالا من (لا نُؤْمِنُ) على أنهم أنكروا على أنفسهم لأنهم لا يوحدون الله ، ويطمعون مع ذلك أن يصحبوا الصالحين ، انتهى.
وهذا ليس بجيد لأن فيه دخول واو الحال على المضارع ويحتاج إلى تأويل.
وقال الزمخشري : وأن يكون معطوفا على (لا نُؤْمِنُ) على معنى وما لنا لا نجمع بين التثليث وبين الطمع في صحبة الصالحين أو على معنى : وما لنا لا نجمع بينهما بالدخول في الإسلام لأن الكافر ما ينبغي له أن يطمع في صحبة الصالحين ، انتهى.
ويظهر لي وجه غير ما ذكروه وهو أن يكون معطوفا على نؤمن على أنه منفي كنفي نؤمن ، التقدير : وما لنا لا نؤمن ولا نطمع فيكون في ذلك إنكار لانتفاء إيمانهم وانتفاء طمعهم مع قدرتهم على تحصيل الشيئين : الإيمان والطمع في الدخول مع الصالحين و (مَعَ) على بابها من المعية ، وقيل : بمعنى في والصالحون أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، قاله ابن عباس أو الرسول وأصحابه ، قاله ابن زيد ، أو المهاجرون الأولون ، قاله مقاتل. وقيل : التقدير أن يدخلنا الجنة (فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) ظاهره أن الإثابة بما ذكر مترتبة على مجرد القول ، ولا بد أن يقترن بالقول الاعتقاد ويبين أنه مقترن به أنه قال : (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِ) فوصفهم بالمعرفة ، فدل على اقتران القول بالعلم ، وقال : (ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) فإما أن يكون من وضع الظاهر موضع المضمر تنبيها على هذا الوصف بهم ، وأنهم أثيبوا لقيام هذا الوصف بهم ، وهو رتبة الإحسان ، وهي التي فسرها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله : «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» ولا إخلاص ولا علم أرفع من هذه الرتبة ، وإما أن يكون أريد به العموم فيكونون قد اندرجوا في المحسنين على أن هذه الإثابة لم تترتب على مجرد القول اللفظي ، ولذلك فسره الزمخشري بقوله بما قالوا بما تكلموا به من اعتقاد وإخلاص من قولك : هذا قول فلان أي اعتقاده وما يذهب إليه انتهى.