نصب مثلا أو من محله في قراءة من خفضه وأن ينتصب على المصدر والظاهر أنه حال من قوله به ومعنى (بالِغَ الْكَعْبَةِ) أن ينحر بالحرم ويتصدّق به حيث شاء عند أبي حنيفة ، وقال الشافعي بالحرم ، وقرأ الأعرج (هَدْياً) بكسر الدال وتشديد الياء والجملة من قوله يحكم في موضع الصفة لقوله (فَجَزاءٌ) أي حاكم به ذوا عدل وفي قوله (مِنْكُمْ) دليل على أنهما من المسلمين وذكر الكعبة لأنها أم الحرام قالوا والحرم كله منحر لهذا الهدي فما وقف به يعرفه من هدي الجزاء ينحر بمنى وما لم يوقف به فينحر بمكة وفي سائر بقاع الحرم بشرط أن يدخل من الحل ولا بد أن يجمع فيه بين حل وحرم حتى يكون بالغا الكعبة.
(أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) قرأ الصاحبان بالإضافة والإضافة تكون بأدنى ملابسة إذ الكفارة تكون كفارة هدي وكفارة طعام وكفارة صيام ولا التفات إلى قول الفارسي ولم يضف الكفارة إلى الطعام لأنها ليست للطعام إنما هي لقتل الصيد ، وأما ما ذهب إليه الزمخشري من زعمه أن الإضافة مبينة كأنه قيل أو كفارة من طعام مساكين ، كقولك خاتم فضة ، بمعنى خاتم من فضة فليست من هذا الباب لأن خاتم فضة من باب إضافة الشيء إلى جنسه والطعام ليس جنسا للكفارة إلا بتجوز بعيد جدّا ، وقرأ باقي السبعة بالتنوين ورفع (طَعامُ) وقرأ كذلك الأعرج وعيسى بن عمر إلا أنهما أفردا مسكين على أنه اسم جنس ، قال أبو علي (طَعامُ) عطف بيان لأن الطعام هو الكفارة. انتهى ؛ وهذا على مذهب البصريين لأنهم شرطوا في البيان أن يكون في المعارف لا في النكرات فالأولى أن يعرب بدلا وقد أجمل في مقدار الطعام وفي عدد المساكين والظاهر أنه يكفي أقل ما ينطلق عليه جمع مساكين ، وقال إبراهيم وعطاء ومجاهد والقاسم يقوّم الصيد دراهم ثم يشتري بالدراهم طعاما فيطعم كل مسكين نصف صاع ، وروي هذا عن ابن عباس وبتقويم الصيد قال أبو حنيفة ، وقال مجاهد وعطاء وابن عباس والشافعي وأحمد يقوّم الهدي ثم يشتري بقيمة الهدي طعاما ، وقال مالك أحسن ما سمعت ، أنه يقوّم الصيد فينظركم ثمنه من الطعام فيطعم لكل مسكين مدّا ويصوم مكان كل مدّ يوما.
(أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) الأظهر أن يكون ذلك إشارة إلى أقرب مذكور وهو الطعام والطعام المذكور غير معين في الآية لا كيلا ولا وزنا فيلزم من ذلك أن يكون الصيام أيضا غير معين عددا والصيام مبني على الخلاف في الطعام أهو مدّ أو مدّان. وبالمدّ قال ابن عباس ومالك ، وبالمدّين قال الشافعي وعن أحمد القولان ، وجوّزوا أن يكون ذلك إشارة إلى