إلى أنها جمع على وزن أفعلاء ، قال الفراء شيء مخفف من شيء كما قالوا هونا في جمع هين المخفف من هين ، وقال الأخفش ليس مخففا من شيء بل هو فعل جمع على أفعلاء فاجتمع في هذين القولين همزتان لام الكلمة وهمزة التأنيث فقلبت الهمزة التي هي لام الكلمة ياء لانكسار ما قبلها ثم حذفت الياء التي هي عين الكلمة استخفافا ، وذهب قوم إلى أن وزن شيء في الأصل شيء كصديق وأصدقاء ، ثم حذفت الهمزة الأولى وفتحت ياء المد لكون ما بعدها ألفا ، قال ووزنها في هذا القول إلى أفياء وفي القول الذي قبله أفلاء ، وتقرير هذه المذاهب صحة وإبطالا مذكور في علم التصريف.
البحيرة فعيلة بمعنى مفعولة كالنطيحة بمعنى المنطوحة ، قال أبو عبيدة هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن في آخرها ذكر شقوا أذنها وخلوا سبيلها لا تركب ولا تحلب ولا تطرد عن ماء ولا مرعى ، وروي نحوه عن ابن عباس إلا أنه لم يذكر عنه آخرها ذكر ، وقال قتادة وينظر في الخامس فإذا كان ذكرا ذبحوه وأكلوه وإن كانت أنثى شقوا أذن الأنثى وقالوا هي بحيرة ، فلم تركب ولم تطرد عن ماء ولا مرعى وإذا لقيها ألمعي لم يركبها تحرّجا وتخورا منه روي عن عكرمة وزاد ، حرم على النساء لحمها ولبنها فإذا ماتت حلت للنساء ، وقال ابن سيده البحيرة هي التي خليت بلا راع ، وقال مجاهد البحيرة ما نتجت السائبة من أنثى شق أذنها وخلّى سبيلها مع أمها في الفلالم تركب ولم تحلب كما فعل بأمها ، وقال ابن المسيب هي التي تمنع درها للطواغيت فلا يحلبها ، وقيل هي الناقة إذا ولدت خمسا أو سبعا شقوا أذنها. وقال ابن عطية إذا نتجت الناقة عشرة أبطن شقوا أذنها نصفين طولا فهي مبحورة وتركت ترعى وترد الماء ولا ينتفع منها بشيء ويحرم لحمها إذا ماتت على النساء ويحل للرّجال ، وقيل البحيرة السقب وإذا ولد يحزوا أذنه ، وقالوا اللهم إن عاش فعفي وإن مات فذكي فإذا مات أكل ، ويظهر من اختلاف هذه النقول أن العرب كانت تختلف طرائقها في البحيرة فصار لكلّ منها في ذلك طريقة وهي كلها ضلال.
السائبة فاعلة من ساب إذا جرى على وجه الأرض يقال : ساب الماء وسابت الحية ، وقيل هي السبيبة اسم الفاعل بمعنى المفعول نحو قولهم (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (١) أي مرضية ، قال أبو عبيدة كان الرجل إذا قدم من سفر أو نذر نذرا أو شكر نعمة سيب بعيرا فكان بمنزلة البحيرة في جميع ما حلوا لها ، وقال الفراء إذا ولدت الناقة عشرة أبطن إناث سيبت فلم تركب ولم تحلب ولم يجزّ لها وبر ولم يشرب لها لبن إلا ولد أو ضيف ، وقال ابن عباس السائبة هي
__________________
(١) سورة الحاقة : ٦٩ / ٢١.