عطية : وأن في (أَنِ اعْبُدُوا) مفسرة ، لا موضع لها من الإعراب ويصح أن يكون بدلا من من ما وصح أن يكون بدلا من الضمير في به ، زاد ابن عطية أن يصح أن يكون في محلّ خفض على تقدير ب (أَنِ اعْبُدُوا) ، وأجاز أبو البقاء الجر على البدل من الهاء والرفع على إضمار هو والنصب على إضمار أعني أو بدلا من موضع به. قال : ولا يجوز أن تكون بمعنى أن المفسرة ، لأن القول قد صرّح به ، وأن لا تكون مع التصريح بالقول. وقال الزمخشري أن في قوله (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) إن جعلتها مفسرة لم يكن لها بد من مفسر ، والمفسر إما فعل القول وإما فعل الأمر وكلاهما لا وجه له ، أما فعل القول فيحكى بعده الكلام من غير أن يوسط بينهما حرف التفسير لا تقول ما قلت لهم إلا (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) ولكن ما قلت لهم إلا اعبدوا الله وأما فعل الأمر فمسند إلى ضمير الله تعالى فلو فسرته باعبدوا الله ربي وربكم لم يستقم لأن الله لا يقول اعبدوا الله ربي وربكم ، وإن جعلتها موصولة بالفعل لم يخل من أن تكون بدلا من ما أمرتني به أو من الهاء في به وكلاهما غير مستقيم ، لأن البدل هو الذي يقوم مقام المبدل منه ، ولا يقال ما قلت لهم إلا أن اعبدوا الله بمعنى ما قلت لهم إلا عبادته لأن العبادة لا تقال وكذلك إذا جعلته بدلا من الهاء لأنك لو أقمت (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) لم يصح لبقاء الموصول بغير راجع إليه من صلته.
(فإن قلت) : فكيف تصنع؟ (قلت) : يحمل فعل القول على معناه لأن معنى (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) ما أمرتهم إلا بما أمرتني به حتى يستقيم تفسيره ب (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) ويجوز أن تكون موصولة عطفا على بيان الهاء لا بدلا ؛ انتهى ، وفيه بعض تلخيص. أما قوله : وأما فعل الأمر إلى آخر المنع ، وقوله لأن الله تعالى لا يقول اعبدوا الله ربي وربكم فإنما لم يستقم لأنه جعل الجملة وما بعدها مضمومة إلى فعل الأمر ، ويستقيم أن يكون فعل الأمر مفسرا بقوله (اعْبُدُوا اللهَ) ويكون (رَبِّي وَرَبَّكُمْ) من كلام عيسى على إضمار أعني أي أعني ربي وربكم لا على الصفة التي فهمها الزمخشري ، فلم يستقم ذلك عنده. وأما قوله : لأن العبادة لا تقال فصحيح لكن ذلك يصحّ على حذف مضاف ، أي : ما قلت لهم إلا القول الذي أمرتني به قول عبادة الله ، أي القول المتضمن عبادة الله. وأما قوله لبقاء الموصول بغير راجع إليه من صلته فلا يلزم في كل بدل أن يحلّ محل المبدل منه ، ألا ترى إلى تجويز النحويين : زيد مررت به أبي عبد الله ، ولو قلت زيد مررت بأبي عبد الله لم يجز ذلك عندهم إلا على رأي الأخفش. وأما قوله عطفا على بيان الهاء ، فهذا فيه بعد لأن عطف البيان أكثره بالجوامد الأعلام ، وما اختاره الزمخشري وجوّزه غيره من