القرن الأمة المقترنة في مدّة من الزمان ، ومنه خير القرون قرني وأصله الارتفاع عن الشيء ومنه قرن الجبل ، فسموا بذلك لارتفاع السنّ. وقيل : هو من قرنت الشيء بالشيء جعلته بجانبه أو مواجها له ، فسموا بذلك لكون بعضهم يقرن ببعض. وقيل : سموا بذلك لأنهم جمعهم زمان له مقدار هو أكثر ما يقرن فيه أهل ذلك الزمان ، وهو اختيار الزجاج ومدة القرن مائة وعشرون سنة قاله : زرارة بن أوفى وإياس بن معاوية ، أو مائة سنة قاله الجمهور ، وقد احتجوا لذلك بقول النبي صلىاللهعليهوسلم لعبد الله بن بشر : «تعيش قرنا» فعاش مائة وقال : «أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد». قال ابن عمر : يؤيد أنها انخرام ذلك القرن أو ثمانون سنة رواه أبو صالح عن ابن عباس ، أو سبعون سنة حكاه الفرّاء أو ستون سنة لقوله عليهالسلام : معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين أو أربعون قاله ابن سيرين ، ورفعه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وكذا حكاه الزهراوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أو ثلاثون. روي عن أبي عبيدة أنه قال : يرون أن ما بين القرنين ثلاثون ، وحكاه النقاش أو عشرون حكاه الحسن البصري أو ثمانية عشر عاما أو المقدار الوسط في أعمار أهل ذلك الزمان وهذا حسن ، لأن الأمم السالفة كان فيهم من يعيش أربعمائة عام وثلاثمائة وما بقي عام وما فوق ذلك وما دونه ، وهكذا الاختلاف الإسلامي والله أعلم. كأنه نظر إلى الطرف الأقصى والطرف الأدنى ، فمن نظر إلى الغاية قال : من الستين فما فوقها إلى مائة وعشرين ومن نظر إلى الأدنى قال : عشرون وثلاثون وأربعون. وقال ابن عطية : القرن أن يكون وفاة الأشياخ ثم ولادة الأطفال ، ويظهر ذلك من قوله : (وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) وهذه يشير ابن عطية إلى من حدد بأربعين فما دونها طبقات وليست بقرون. وقيل : القرن القوم المجتمعون ، قلت : السنون أو كثرت لقوله : خير القرون قرني يعني أصحابه وقال قس :
في الذاهبين الأوّلين |
|
من القرن لنا بصائر |
وقال آخر :
إذا ذهب القوم الذي كنت فيهم |
|
وخلفت في قوم فأنت غريب |
وقيل : القرن الزمان نفسه فيقدر قوله من قرن من أهل قرن. التمكن ضد التعذر والتمكين من الشيء ما يصح به الفعل من الآيات والقوى وهو أتم من الأقدار ، لأن الأقدار إعطاء القدرة خاصة والقادر على الشيء قد يتعذر عليه الفعل لعدم الآلة. وقيل : التمكين من الشيء إزالة الحائل بين المتمكن والممكن منه. وقال الزمخشري : مكن له في الأرض