الحسن ومجاهد وعكرمة وخصيف وقتادة : الأول أجل الدنيا من وقت الخلق إلى الموت ، والثاني أجل الآخرة لأن الحياة في الآخرة لا انقضاء لها ، ولا يعلم كيفية الحال في هذا الأجل إلا الله تعالى ، وروي عن ابن عباس أن الأول هو وفاته بالنوم والثاني بالموت. وقال أيضا : الأول أجل الدنيا والثاني الآخرة. وقال مجاهد أيضا : الأول الآخرة. والثاني الدنيا. وقال ابن زيد : الأول هو في وقت أخذ الميثاق على بني آدم حين استخرجهم من ظهر آدم ، والمسمى في هذه الحياة الدنيا. وقال أبو مسلم : الأول أجل الماضين ، والثاني أجل الباقين ، ووصفه بأنه مسمى عنده لأنه تعالى مختص به بخلاف الماضين ، فإنهم لما ماتوا علمت آجالهم. وقيل : الأول ما بين أن يخلق إلى أن يموت ، والثاني ما بين الموت والبعث ، وهو البرزخ. وقيل : الأول مقدار ما انقضى من عمر كل إنسان ، والثاني مقدار ما بقي. وقيل : الأول أجل الأمم السالفة ، والثاني أجل هذه الأمة. وقيل : الأول ما علمناه أنه لا نبي بعد محمد صلىاللهعليهوسلم ، والثاني من الآخرة ، وقيل : الأول ما عرف الناس من آجال الأهلة والسنين والكوائن ، والثاني قيام الساعة. وقيل : الأول من أوقات الأهلة وما أشبهها ، والثاني موت الإنسان. وقال ابن عباس ومجاهد أيضا (قَضى أَجَلاً) بانقضاء الدنيا والثاني لابتداء الآخرة. وروي عن ابن عباس أنه قال : لكل أحد أجلان ، فإن كان تقيا وصولا للرحم زيد له من أجل البعث في أجل العمر ، وإن كان بالعكس نقص من أجل العمر وزيد في أجل البعث. وقال أبو عبد الله الرازي : لكل إنسان أجلان الطبيعي والاخترامي. فالطبيعي : هو الذي لو بقي ذلك المزاج مصونا عن العوارض الخارجة لانتهت مدة بقائه إلى الأوقات الفلكية. والاخترامي : هو الذي يحصل بسبب الأسباب الخارجية كالحرق والغرق ولدغ الحشرات ، وغيرها من الأمور المنفصلة ، انتهى. وهذا قول المعتزلة وهو نقله عنهم وقال : هذا قول حكماء الإسلام ، انتهى ومعنى (مُسَمًّى عِنْدَهُ) معلوم عنده أو مذكور في اللوح المحفوظ ، وعنده مجاز عن علمه ولا يراد به المكان.
وقال الزمخشري : (فإن قلت) : المبتدأ النكرة إذا كان خبره ظرفا وجب تقديمه فلم جاز تقديمه في قوله : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ).
(قلت) : لأنه تخصيص بالصفة فقارب المعرفة ، كقوله : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) (١) انتهى. وهذا الذي ذكره من مسوغ الابتداء بالنكرة لكونها وصفت لا يتعين هنا
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٢١.