المال كسب فلان أي مكتسبه ، ولا يجوز حمله على نفس الكسب وإلا لزم عطف الشيء على نفسه وفي هذه الآية رد على المعطلة والثنوية والحشوية والفلاسفة ؛ انتهى.
وقال الزمخشري : (فإن قلت) : كيف موقع قوله (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) (قلت) : إن أراد المتوحد بالإلهية كان تقريرا له ، لأن الذي استوى في علمه السرّ والعلانية ، هو الله وحده وكذلك إذا جعلت (فِي السَّماواتِ) خبرا بعد خبر وإلا فهو كلام مبتدأ أو خبر ثالث ، انتهى ، وهذا على مذهب من يجيز أن يكون للمبتدأ أخبار متعددة.
(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ مِنْ) الأولى زائدة لاستغراق الجنس ، ومعنى الزيادة فيها أن ما بعدها معمول لما قبلها فاعل بقوله (تَأْتِيهِمْ) فإذا كانت النكرة بعدها مما لا يستعمل إلا في النفي العام ، كانت (مِنْ) لتأكيد الاستغراق نحو ما في الدار من أحد ، وإذا كانت مما يجوز أن يراد بها الاستغراق ، ويجوز أن يراد بها نفي الوحدة أو نفي الكمال كانت (مِنْ) دالة على الاستغراق نحو ما قام من رجل ، و (مِنْ) الثانية للتبعيض. قال الزمخشري : يعني وما يظهر لهم قط دليل من الأدلة التي يجب فيها النظر والاستدلال والاعتبار إلا كانوا عنه (مُعْرِضِينَ) تاركين للنظر ، لا يلتفتون إليه ولا يرفعون به رأسا لقلة خوفهم وتدبرهم للعواقب ؛ انتهى. واستعمال الزمخشري قط مع المضارع في قوله : وما يظهر لهم قط دليل ليس بجيد ، لأن قط ظرف مختص بالماضي إلا إن كان أراد بقوله : وما يظهر وما ظهر ولا حاجة إلى استعمال ذلك. وقيل : الآية هنا العلامة على وحدانية الله وانفراده بالألوهية. وقيل : الرسالة. وقيل : المعجز الخارق. وقيل : القرآن ومعنى (عَنْها) أي : عن قبولها أو سماعها ، والإعراض ضد الإقبال وهو مجاز إذ حقيقته في الأجسام ، والجملة من قوله : (كانُوا) ومتعلقها في موضع الحال فيكون (تَأْتِيهِمْ) ماضي المعنى لقوله : (كانُوا) أو يكون (كانُوا) مضارع المعنى لقوله : (تَأْتِيهِمْ) وذو الحال هو الضمير في (تَأْتِيهِمْ) ، ولا يأتي ماضيا إلا بأحد شرطين أحدهما : أن يسبقه فعل كما في هذا الآية ، والثاني أن تدخل على ذلك الماضي قد نحو ما زيد إلا قد ضرب عمرا ، وهذا التفات وخروج من الخطاب إلى الغيبة والضمير عائد على (الَّذِينَ كَفَرُوا). وتضمنت هذه الآية مذمة هؤلاء (الَّذِينَ كَفَرُوا) بأنهم يعرضون عن كل آية ترد عليهم ، ولما تقدّم الكلام أولا في التوحيد وثانيا في المعاد وثالثا في تقرير هذين المطلوبين ، ذكر بعد ذلك ما يتعلق بتقرير النبوة وبين فيه أنهم أعرضوا عن تأمل الدلائل ، ويدل ذلك على أن التقليد باطل وأن التأمل في الدلائل واجب ولذلك ذموا بإعراضهم عن الدلائل.
(فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) الحق القرآن أو الإسلام أو محمد صلىاللهعليهوسلم أو انشقاق