ابن جني : هو على حذف الزوائد من راغم. والسعة هنا في الرزق قاله : ابن عباس ، والضحاك ، والربيع ، وغيرهم. وقال قتادة : سعة من الضلالة إلى الهدى ، ومن القلة إلى الغنى. وقال مالك : السعة سعة البلاد. قال ابن عطية : والمشبه لفصاحة العرب أن يريد سعة الأرض وكثرة المعاقل ، وبذلك تكون السعة في الرّزق واتساع الصدر عن همومه وفكره ، وغير ذلك من وجوه الفرح ، ونحو هذا المعنى قول الشاعر :
لكان لي مضطرب واسع |
|
في الأرض ذات الطول والعرش |
انتهى. وقدم مراغمة الأعداء على سعة العيش ، لأن الابتهاج برغم أنوف الأعداء لسوء معاملتهم أشد من الابتهاج بالسعة.
(وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) قيل : نزلت في جندب بن ضمرة وتقدمت قصته قبل. وقيل : في ضمرة بن بغيض. وقيل : أبو بغيض ضمرة بن زنباع الخزاعي. وقيل : خالد بن حرام بن خويلد أخو حكيم بن حرام خرج مهاجرا إلى الحبشة ، فمات في الطريق. وقيل : ضمرة بن ضمرة بن نعيم. وقيل : ضمرة بن خزاعة. وقيل : رجل من كنانة هاجر فمات في الطريق ، فسخر منه قومه فقالوا : لا هو بلغ ما يريد ، ولا هو أقام في أهله حتى دفن. والصحيح : أنه ضمرة بن بغيض ، أو بغيض بن ضمرة بن الزنباع ، لأنّ عكرمة سأل عنه أربع عشرة سنة ، وصححه. وجواب الشرط فقد وقع أجره على الله ، وهذه مبالغة في ثبوت الأجر ولزومه ، ووصول الثواب إليه فضلا من الله وتكريما ، وعبر عن ذلك بالوقوع مبالغة. وقرأ النخعي وطلحة بن مصرّف : ثم يدركه برفع الكاف. قال ابن جني : هذا رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : ثم هو يدركه الموت ، فعطف الجملة من المبتدأ والخبر على الفعل المجزوم ، وفاعله. وعلى هذا حمل يونس قول الأعشى :
إن تركبوا فركوب الخير عادتنا |
|
أو تنزلون فإنا معشر نزل |
المراد : أو أنتم تنزلون ، وعليه قول الآخر :
إن تذنبوا لم يأتيني نعيقكم |
|
فما عليّ بذنب عندكم قوت |
المعنى : ثم أنتم يأتيني نعيقكم. وهذا أوجه من أن يحمل على ألم يأتيك انتهى. وخرج على وجه آخر وهو : أن رفع الكاف منقول من الهاء ، كأنه أراد أن يقف عليها ، ثم نقل حركة الهاء إلى الكاف كقوله :