والضمير في (عَلَيْهِ) عائد على محمد صلىاللهعليهوسلم ، والمعنى (مَلَكٌ) نشاهده ويخبرنا عن الله تعالى بنبوته وبصدقه ، و (لَوْ لا) بمعنى هلا للتحضيض وهذا قول من تعنت وأنكر النبوات.
(وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) أي (وَلَوْ أَنْزَلْنا) عليه (مَلَكاً) يشاهدونه لقامت القيامة قاله مجاهد. وقال ابن عباس وقتادة والسدّي : في الكلام حذف تقديره (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً) فكذبوه (لَقُضِيَ الْأَمْرُ) بعذابهم ولم يؤخروا حسب ما سلف في كل أمة. وقالت فرقة : معنى (لَقُضِيَ الْأَمْرُ) لماتوا من هول رؤية الملك في صورته ، ويؤيد هذا التأويل ولو جعلناه ملكا إلى آخره فإن أهل التأويل مجمعون على أنهم لم يكونوا ليطيقوا رؤية الملك في صورته. وقال ابن عطية : فالأولى في (لَقُضِيَ الْأَمْرُ) أي لماتوا من هول رؤيته. وقال الزمخشري : لقضي أمر إهلاكهم.
(ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) بعد نزوله طرفة عين إما لأنهم إذا عاينوا الملك قد نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صورته ، وهي أنه لا شيء أبين منها وأيقن ، ثم لا يؤمنون كما قال (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ) لم يكن بد من إهلاكهم كما أهلك أصحاب المائدة ، وأما لأنه يزول الاختيار الذي هو قاعدة التكليف عند نزول الملائكة ، فيجب إهلاكهم وإما لأنهم إذا شاهدوا ملكا في صورته زهقت أرواحهم من هول ما يشاهدون ؛ انتهى. والترديد الأول بإما قول ابن عباس ، والثالث قول تلك الفرقة ، وقوله : كما أهلك أصحاب المائدة ، لأنهم عنده كفار وقد تقدّم الكلام فيهم في أواخر سورة العقود ، وذكر أبو عبد الله الرازي الأوجه الثلاثة التي ذكرها الزمخشري ببسط فيها. وقال التبريزي في معنى (لَقُضِيَ الْأَمْرُ) قولان : أحدهما : لقامت القيامة لأن الغيب يصير عندها شهادة عيانا. الثاني : الفزع من إهلاكهم لأن السنة الإلهية جارية في إنزال الملائكة بأحد أمرين : الوحي أو الإهلاك ، وقد امتنع الأول فيتعين الثاني ؛ انتهى. فعلى هذا القول يكون معنى قوله (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) أي بإهلاكنا. قال الزمخشري : ومعنى ثم بعد ما بين الأمرين قضاء الأمر وعدم الإنظار جعل عدم الإنظار أشد من قضاء الأمر ، لأن مفاجأة الشدّة أشد من نفس الشدّة ؛ انتهى.
(وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) أي ولجعلنا الرسول ملكا ، كما اقترحوا ، لأنهم كانوا يقولون : لولا أنزل على محمد ملك ، وتارة يقولون : ما هذا إلا بشر مثلكم ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة ، ومعنى (لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) أي لصيرناه في صورة رجل ، كما كان جبريل ينزل