ويمرحون والخيل معقود في نواصيها الخير ، وفي كتاب التحبير سماه تجنيس التحريف وهو أن يكون الحرف فرقا بين الكلمتين. وأنشد عليه :
إن لم أشن على ابن هند غارة |
|
لنهاب مال أو ذهاب نفوس |
وذكر غيره أن تجنيس التحريف ، هو أن يكون الشكل فرقا بين الكلمتين كقول بعض العرب : وقد مات له ولد اللهم أني مسلم ومسلم. وقال بعض العرب : اللهى تفتح اللهى. وقرأ الحسن وينون بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على النون وهو تسهيل قياسي.
(وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) قبل هذا محذوف تقديره (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) أي عن الرسول أو القرآن قاصدين تخلّي الناس عن الرسول فيهلكونه وهم في الحقيقة يهلكون أنفسهم ، وليس المراد بالهلاك الموت بل الخلود في النار (وَإِنْ) نافية بمعنى ما ونفي الشعور عنهم بإهلاكهم أنفسهم مذمة عظيمة لأنه أبلغ في نفي العلم إذ البهائم تشعر وتحس فوبال ما راموا حل بأنفسهم ولم يتعد إلى غيرهم.
(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) لما ذكر تعالى حديث البعث في قوله (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ) واستطرد من ذلك إلى شيء من أوصافهم الذميمة في الدنيا ، عاد إلى الأول وجواب (لَوْ) محذوف لدلالة المعنى عليه وتقديره لرأيت أمرا شنيعا وهولا عظيما وحذف جواب (لَوْ) لدلالة الكلام عليه جائز فصيح ومنه (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) (١) الآية. وقول الشاعر :
وجدّك لو شيء أتانا رسوله |
|
سواك ولكن لم نجد لك مدفعا |
أي لو شيء أتانا رسوله سواك لدفعناه و (تَرى) مضارع معناه الماضي أي : ولو رأيت فإذ باقية على كونها ظرفا ماضيا معمولا لترى وأبرز هذا في صورة المضي وإن كان لم يقع بعد إجراء للمحقق المنتظر مجرى الواقع الماضي ، والظاهر أن الرؤية هنا بصرية وجوزوا أن تكون من رؤية القلب والمعنى ولو صرفت فكرك الصحيح إلى تدبر حالهم لازددت يقينا أنهم يكونون يوم القيامة على أسوإ حال ، فيجتمع للمخاطب في هذه الحالة الخبر الصدق الصريح والنظر الصحيح وهما مدركان من مدارك العلم اليقين والمخاطب ب (تَرى) الرسول أو السامع ، ومعمول (تَرى) محذوف تقديره (وَلَوْ تَرى) حالهم (إِذْ) وقفوا.
__________________
(١) سورة الرعد : ١٣ / ٣١.