قرأ نافع وروي عنه إبدالها ألفا محضة ويطول مدّها لسكونها وسكون ما بعدها ، وهذا البدل ضعيف عند النحويين إلا أنه قد سمع من كلام العرب حكاه قطرب وغيره وجاز حذفها وبه قرأ الكسائي وقد جاء ذلك في كلام العرب. قال الراجز :
أريت إن جاءت به أملودا
بل قد زعم الفراء أنها لغة أكثر العرب ، قال الفراء : للعرب في أرأيت لغتان ومعنيان أحدهما أن تسأل الرجل أرأيت زيدا أي بعينك فهذه مهموزة ، وثانيهما أن تقول : أرأيت وأنت تقول أخبرني فهاهنا تترك الهمزة إن شئت وهو أكثر كلام العرب تومئ إلى ترك الهمزة للفرق بين المعنيين ؛ انتهى. وإذا كانت بمعنى أخبرني جاز أن تختلف التاء باختلاف المخاطب وجاز أن تتصل بها الكاف مشعرة باختلاف المخاطب ، وتبقى التاء مفتوحة كحالها للواحد المذكر ومذهب البصريين أن التاء هي الفاعل وما لحقها حرف يدل على اختلاف المخاطب وأغنى اختلافه عن اختلاف التاء ومذهب الكسائي أن الفاعل هو التاء وإن أداة الخطاب اللاحقة في موضع المفعول الأول ، ومذهب الفراء أن التاء هي حرف خطاب كهي في أنت وإن أداة الخطاب بعده هي في موضع الفاعل ، استعيرت ضمائر النصب للرفع والكلام على هذه المذاهب إبدالا وتصحيحا مذكور في علم النحو ، وكون أرأيت وأ رأيتك بمعنى أخبرني نص عليه سيبويه والأخفش والفراء والفارسي وابن كيسان وغيرهم. وذلك تفسير معنى لا تفسير إعراب قالوا : فتقول العرب أرأيت زيدا ما صنع فالمفعول الأول ملتزم فيه النصب ، ولا يجوز فيه الرفع على اعتبار تعليق أرأيت وهو جائز في علمت ورأيت الباقية على معنى علمت المجردة من معنى أخبرني لأن أخبرني لا تعلق ، فكذلك ما كان بمعناها والجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني. قال سيبويه : وتقول أرأيتك زيدا أبو من هو وأ رأيتك عمرا أعندك هو أم عند فلان لا يحسن فيه إلا النصب في زيد ألا ترى أنك لو قلت أرأيت أبو من أنت وأ رأيت أزيد ثم أم فلان ، لم يحسن لأن فيه معنى أخبرني عن زيد. ثم قال سيبويه : وصار الاستفهام في موضع المفعول الثاني وقد اعترض كثير من النحاة على سيبويه وخالفوه ، وقالوا : كثيرا ما تعلق أرأيت وفي القرآن من ذلك كثير منه (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى) (١) (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ) (٢). وقال الشاعر :
أرأيت إن جاءت به أملودا |
|
مرجّلا ويلبس البرودا |
__________________
(١) سورة العلق : ٩٦ / ٩.
(٢) سورة العلق : ٩٦ / ١٣.