نصب منفصل وتقدم الكلام عليه في قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) (١) مستوفى. وقال ابن عطية : هنا (إِيَّاهُ) اسم مضمر أجري مجرى المظهرات في أنه يضاف أبدا ؛ انتهى ، وهذا مخالف لمذهب سيبويه ، لأن مذهب سيبويه إن ما اتصل بأيا من دليل تكلم أو خطاب أو غيبة وهو حرف لا اسم أضيف إليه أيا لأن المضمر عنده لا يضاف لأنه أعرف المعارف ، فلو أضيف لزم من ذلك تنكره حتى يضاف ويصير إذ ذاك معرفة بالإضافة لا يكون مضمرا وهذا فاسد ، ومجيئه هنا مقدما على فعله دليل على الاعتناء بذكر المفعول وعند الزمخشري إن تقديمه دليل على الحصر والاختصاص ، ولذلك قال : بل تخصونه بالدعاء دون الآلهة ، والاختصاص عندنا والحصر فهم من سياق الكلام لا من تقديم المفعول على العامل و (بَلْ) هنا للإضراب والانتقال من شيء إلى شيء من غير إبطال لما تضمنه الكلام السابق من معنى النفي لأن معنى الجملة السابقة النفي وتقديرها ما تدّعون أصنامكم لكشف العذاب وهذا كلام حق لا يمكن فيه الإضراب يعني الإبطال ، و (ما) من قوله (ما تَدْعُونَ) الأظهر أنها موصولة أي فيكشف الذي تدعون. قال ابن عطية : ويصح أن تكون ظرفية ؛ انتهى. ويكون مفعول يكشف محذوفا أي فيكشف العذاب مدة دعائكم أي ما دمتم داعيه وهذا فيه حذف المفعول وخروج عن الظاهر لغير حاجة ، ويضعفه وصل (ما) الظرفية بالمضارع وهو قليل جدّا إنما بابها أن توصل بالماضي تقول ألا أكلمك ما طلعت الشمس ولذلك علة ، أما ذكرت في علم النحو ، قال ابن عطية : ويصح أن تكون مصدرية على حذف في الكلام. وقال الزجاج : وهو مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (٢) ؛ انتهى. ويكون تقدير المحذوف فيكشف موجب دعائكم وهو العذاب ، وهذه دعوى محذوف غير متعين وهو خلاف الظاهر والضمير في (إِلَيْهِ) عائد على (ما) الموصولة أي إلى كشفه ودعا بالنسبة إلى متعلق الدعاء يتعدى بإلى قال الله تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ) (٣) الآية. وقال الشاعر :
وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة |
|
يوما سراة كرام الناس فادعينا |
وتتعدى باللام أيضا قال الشاعر :
وإن أدع للجلى أكن من حماتها
__________________
(١) سورة الفاتحة : ١ / ٥.
(٢) سورة يوسف : ١٢ / ٨٢.
(٣) سورة النور : ٢٤ / ٥١.