تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) (١) وقال : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) (٢) ، وقال : (نُفَصِّلُ الْآياتِ) (٣) فلا يلزم من ذكر الفاصلين أن يكون معينا ليقضي و (خَيْرُ) هنا أفعل التفضيل على بابها. وقيل : ليست على بابها لأن قضاءه تعالى لا يشبه قضاء ولا يفصل كفصله أحد وهذا الاستدلال يدل على أنها بابها.
(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي لو كان في قدرتي الوصول إلى ما تستعجلون به من اقتراح الآيات أو من حلول العذاب لبادرت إليه ووقع الانفصال بيني وبينكم. وروي عن عكرمة في (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي لقامت القيامة وما روي عن ابن جريج من أن المعنى لذبح الموت لا يصح ولا له هنا معنى. وقال الزمخشري و (ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) من العذاب لأهلكنكم عاجلا غضبا لربي وامتعاضا من تكذيبكم به ولتخلصت منكم سريعا ؛ انتهى. وهو قول ابن عباس لم أمهلكم ساعة ولأهلكنكم. (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) الظاهر أن المعنى والله أعلم بكم فوضع الظاهر المشعر بوصفهم بالظلم موضع المضمر ومعنى (أَعْلَمُ) بهم أي بمجازاتهم ففيه وعيد وتهديد. وقيل : بتوقيت عقابهم وقيل : بما آل أمرهم من هداية بعض واستمرار بعض. وقيل : بمن ينبغي أن يؤخذ وبمن يمهل. وقيل : بما تقتضيه الحكمة من عذابهم.
وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٥٩) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (٦٢) قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤) قُلْ هُوَ
__________________
(١) سورة الطارق : ٨٦ / ١٣.
(٢) سورة هود : ١١ / ١.
(٣) سورة الأنعام : ٦ / ٥٥ وغيرها.