اللوح المحفوظ أو عند تكامل الخلق ونفخ الروح ، ففي الصحيح أن الملك يقول عند كمال ذلك. فما الرزق فما الأجل. وقال الزمخشري : هو الأجل الذي سماه وضربه لبعث الموتى وجزائهم على أعمالهم (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) هو المرجع إلى موقف الحساب (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) في ليلكم ونهاركم ؛ انتهى. وقال غيره : كابن جبير : مرجعكم بالموت الحقيقي. ولما ذكر تعالى النوم واليقظة كان ذلك تنبيها على الموت والبعث وإن حكمهما بالنسبة إليه تعالى واحد فكما أنام وأيقظ يميت ويحيي. وقرأ طلحة وأبو رجاء ليقضي أجلا مسمى بنى الفعل للفاعل ونصب أجلا أي ليتم الله آجالهم كقوله : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) (١) وفي قراءة الجمهور ، ويحتمل أن يكون الفاعل المحذوف ضميره أو ضميرهم.
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) تقدم الكلام في تفسير (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ). قال هنا ابن عطية : (الْقاهِرُ) أن أخذ صفة فعل أي مظهر القهر بالصواعق والرياح والعذاب ، فيصح أن تجعل (فَوْقَ) ظرفية للجهة لأن هذه الأشياء إنما تعاهدها للعباد من فوقهم وإن أخذ (الْقاهِرُ) صفة ذات بمعنى القدرة والاستيلاء ففوق لا يجوز أن يكون للجهة وإنما هو لعلو القدر والشأن ، كما تقول : الياقوت فوق الحديد ؛ انتهى. وظاهر (وَيُرْسِلُ) أن يكون معطوفا على (وَهُوَ الْقاهِرُ) عطف جملة فعلية على جملة اسمية وهي من آثار القهر. وجوز أبو البقاء أن تكون معطوفة على قوله : (يَتَوَفَّاكُمْ) وما بعده من الأفعال وأن يكون معطوفا على (الْقاهِرُ) التقدير وهو الذي يقهر ويرسل ، وأن يكون حالا على إضمار مبتدإ أي وهو يرسل وذو الحال إما الضمير في (الْقاهِرُ) وإما الضمير في الظرف وهذا أضعف هذه الأعاريب ، (وَعَلَيْكُمْ) ظاهره أنه متعلق بيرسل كقوله : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ) (٢) ولفظة على مشعرة بالعلو والاستعلاء لتمكنهم منا جعلوا كان ذلك علينا ويحتمل أن يكون متعلقا بحفظة أي ويرسل حفظة عليكم أي يحفظون عليكم أعمالكم ، كما قال : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) (٣) كما تقول : حفظت عليك ما تعمل. وجوّزوا أن يكون حالا لأنه لو يتأخر لكان صفة أي حفظه كائنة عليكم أي مستولين عليكم و (حَفَظَةً) جمع حافظ وهو جمع منقاس لفاعل وصفا مذكرا صحيح اللام عاقلا وقل فيما لا يعقل. قال الزمخشري : أي ملائكة حافظين لأعمالكم وهم الكرام الكاتبون ؛ انتهى. وقال ابن عطية : المراد بذلك
__________________
(١) سورة القصص : ٢٨ / ٢٩.
(٢) سورة الرحمن : ٥٥ / ٣٥.
(٣) سورة الانفطار : ٨٢ / ١٠.