حِينَ مَوْتِها) (١) وبين قوله : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) (٢) وبين قوله : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) لأن نسبة ذلك إلى الله تعالى بالحقيقة ولغيره بالمباشرة ، ولملك الموت لأنه هو الآمر لأعوانه وله ولهم بكونهم هم المتولون قبض الأرواح. وعن مجاهد جعلت الأرض له كالطست يتناول منه من يتناوله وما من أهل بيت إلا ويطوف عليهم في كل يوم مرتين. وقرأ حمزة : توفاه بألف ممالة وظاهره أنه فعل ماض كتوفته إلا أنه ذكر على معنى الجمع ، ومن قرأ توفته أنث على معنى الجماعة ويحتمل أن يكون مضارعا وأصله تتوفاه فحذفت إحدى التاءين على الخلاف في تعيين المحذوفة. وقرأ الأعمش يتوفاه بزيادة ياء المضارعة على التذكير.
(وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) جملة حالية والعامل فيها توفته أو استئنافية أخبر عنهم بأنهم لا يفرطون في شيء مما أمروا به من الحفظ والتوفي ومعناه : لا يقصرون. وقرأ الأعرج وعمرو بن عبيد (لا يُفَرِّطُونَ) بالتخفيف أي لا يجاوزون الحد فيما أمروا به. قال الزمخشري : فالتفريط التولي والتأخر عن الحد والإفراط مجاوزة الحد أي لا ينقصون مما أمروا به ولا يزيدون فيه ؛ انتهى ، وهو معنى كلام ابن جني. وقال ابن بحر : (يُفَرِّطُونَ) لا يدعون أحدا يفرط عنهم أي يسبقهم ويفوتهم. وقيل : يجوز أن تكون قراءة التخفيف معناها لا يتقدّمون على أمر الله وهذا لا يصح إلا إذا نقل أن أفرط بمعنى فرط أي تقدم. وقال الحسن : إذا احتضر الميت احتضره خمسمائة ملك يقبضون روحه فيعرجون بها.
(ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) الظاهر عود الضمير على العباد ، وجاء عليكم على سبيل الالتفات لما في الخطاب من تقريب الموعظة من السامعين ، ويحتمل أن يعود الضمير في (رُدُّوا) على أحدكم على المعنى لأنه لا يريد ب (أَحَدَكُمُ) ظاهره من الإفراد إنما معناه الجمع وكأنه قيل : حتى إذا جاءكم الموت ، وقرئ (رُدُّوا) بكسر الراء نقل حركة الدال التي أدغمت إلى الراء والراد المحذر من الله أو بالبعث في الآخرة أو الملائكة ردّتهم بالموت إلى الله. وقيل : الضمير يعود على (رُسُلُنا) أي الملائكة يموتون كما يموت بنو آدم ويردّون إلى الله تعالى وعوده على العباد أظهر و (مَوْلاهُمُ) لفظ عام لأنواع الولاية التي تكون بين الله وبين عبيده من الملك والنصرة والرزق والمحاسبة وغير ذلك ، وفي الإضافة إشعار برحمته لهم وظاهر الاخبار بالرد إلى الله أنه يراد به البعث والرجوع إلى حكم الله وجزائه يوم القيامة ويدل عليه آخر الآية. وقال أبو عبد الله الرازي : صريح الآية يدل على
__________________
(١) سورة الزمر : ٣٩ / ٤٢.
(٢) سورة السجدة : ٣٢ / ١١.