(لَعِباً وَلَهْواً) ؛ انتهى. فتفسيره الأول هو ما ذكرناه عنه. قال الزمخشري : وقيل : جعل الله لكل قوم عيدا يعظمونه ويصلون فيه ويعمرونه بذكر الله والناس كلهم من المشركين ، وأهل الكتاب اتخذوا عيدهم (لَعِباً وَلَهْواً) غير المسلمين فإنهم اتخذوا دينهم عيدهم كما شرعه الله ومعنى ذرهم أعرض عنهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ولا تشغل قلبك بهم ؛ انتهى.
(وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) يحتمل أن يكون معطوفا على الصلة وأن يكون استئناف إخبار أي خدعتهم الغرور وهي الأطماع فيما لا يتحصل فاغتروا بنعم الله ورزقه وإمهاله إياهم. وقيل : غرّتهم بتكذيبهم بالبعث. وقال أبو عبد الله الرازي : لأجل استيلاء حب الدنيا أعرضوا عن حقيقة الدين واقتصروا على تزيين الظواهر ليتوصلوا بها إلى حطام الدنيا ؛ انتهى. وقيل : (غَرَّتْهُمُ) من الغرّ بفتح الغين أي ملأت أفواههم وأشبعتهم. ومنه قول الشاعر :
ولما التقينا بالحليبة غرّني |
|
بمعروفه حتى خرجت أفوق |
ومنه غر الطائر فرخه.
(وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ) الضمير في (بِهِ) عائد على القرآن أو على (الَّذِينَ) أو على (حِسابِهِمْ) ثلاثة أقوال : أولاها الأوّل كقوله : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) (١) و (تُبْسَلَ) ، قال ابن عباس : تفضح. وقال الحسن وعكرمة : تسلم. وقال قتادة : تحبس وترتهن. وقال الكلبي وابن زيد والأخفش : تجزي. وقال الضحاك : تحرق. وقال ابن زيد أيضا : يؤخذ. وقال مؤرخ : تعذب. وقيل يحرم عليها النجاة ودخول الجنة. وقال أبو بكر : استحسن بعض شيوخنا قول من قال : تسلم بعملها لا تقدر على التخلص لأنه يقال : استبسل للموت أي رأى ما لا يقدر على دفعه واتفقوا على أن (تُبْسَلَ) في موضع المفعول من أجله وقدروا كراهة (أَنْ تُبْسَلَ) ومخافة (أَنْ تُبْسَلَ) ولئلا (تُبْسَلَ) ويجوز عندي أن يكون في موضع جر على البدل من الضمير ، والضمير مفسر بالبدل وأضمر الإبسال لما في الإضمار من التفخيم كما أضمر الأمر والشأن وفسر بالبدل وهو الإبسال فالتقدير وذكر بارتهان النفوس وحبسها بما كسبت كما قالوا : اللهم صل عليه الرؤوف الرحيم وقد أجاز ذلك سيبويه قال : فإن قلت ضربت وضربوني قومك نصبت إلا في قول من
__________________
(١) سورة ق : ٥٠ / ٤٥.