قرأ (وَحُورٌ عِينٌ) بالرفع بعد قوله : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) (١) الآية وتقديره ولهم حور وأجاز مثل هذا سيبويه والكسائي والفراء ومثله كثير وقدر الخبر أيضا مؤخرا تقديره (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) أخرجناها ودل على تقديره قوله قبل : (فَأَخْرَجْنا) كما تقول : أكرمت عبد الله وأخوه التقدير وأخوه أكرمته فحذف أكرمته لدلالة أكرمت عليه ، ووجهها الطبري على أن (وَجَنَّاتٍ) عطف على (قِنْوانٌ) ، قال ابن عطية : وقوله ضعيف ، وقال أبو البقاء : ولا يجوز أن يكون معطوفا على (قِنْوانٌ) لأن العنب لا يخرج من النخل ، وقال الزمخشري : وقد ذكر أن في رفعه وجهين أحدهما أن يكون مبتدأ محذوف الخبر تقديره وثم جنات وتقدّم ذكر هذا التقدير عنه ، قال : والثاني أن يعطف على (قِنْوانٌ) على معنى وحاصله أو ومخرجه من النخل قنوان (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) أي من نبات أعناب انتهى ، وهذا العطف هو على أن لا يلاحظ فيه قيد من النخل فكأنه قال من النخل قنوان دانية (جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) حاصلة كما تقول من بني تميم رجل عاقل ورجل من قريش منطلقان.
(وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) قرئ بالنصب إجماعا. قال ابن عطية : عطفا على (حَبًّا). وقيل : عطفا على (نَباتَ) ، وقال الزمخشري : وقرئ (وَجَنَّاتٍ) بالنصب عطفا على (نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) أي وأخرجنا به (جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) وكذلك قوله : (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ). انتهى فظاهره أنه معطوف على نبات كما أن (وَجَنَّاتٍ) معطوف عليه ، قال الزمخشري : والأحسن أن ينتصب على الاختصاص كقوله : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) (٢) لفضل هذين الصنفين انتهى ، قال قتادة : يتشابه في الورق ويتباين في الثمر وتشابه الورق في الحجم وفي اشتماله على جميع الغصن ، وقال ابن جريج : متشابها في النظر وغير متشابه في الطعم مثل الرمانتين لونهما واحد وطعمهما مختلف ، وقال الطبري : جائز أن يتشابه في الثمر يتباين في الطعم ويحتمل أن يريد تشابه الطعم وتباين النظر ، وهذه الأحوال موجودة في الاعتبار في أنواع الثمرات ، وقال الزمخشري : بعضه متشابه وبعضه غير متشابه في القدر واللون والطعم وذلك دليل على أن التعمد دون الإهمال انتهى ، وقرأ الجمهور : (مُشْتَبِهاً) وقرئ شاذا متشابها وهما بمعنى واحد كاختصم وتخاصم واشترك واستوى وتساوى ونحوها مما اشترك فيه باب الافتعال والتفاعل ، وانتصب (مُشْتَبِهاً) على أنه حال من (الرُّمَّانَ) لقربه وحذفت الحال من الأول أو حال من الأول لسبقه فالتقدير (وَالزَّيْتُونَ) مشتبها وغير
__________________
(١) سورة الصافات : ٣٧ / ٤٥.
(٢) سورة النساء : ٤ / ١٦٢.