(يُشْعِرُكُمْ) ، وقرأ قوم بسكون ضمة الراء ، وقرئ باختلاسها وأما الخطاب فقال مجاهد وابن زيد : هو للكفار ، وقال الفراء وغيره : المخاطب بها المؤمنون ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والعليمي والأعشى عن أبي بكر ، وقال ابن عطية وابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية داود الإيادي أنها بكسر الهمزة ، وقرأ باقي السبعة بفتحها ، وقرأ ابن عامر وحمزة لا تؤمنون بتاء الخطاب ، وقرأ باقي السبعة بياء الغيبة فترتبت أربع قراءات الأولى كسر الهمزة والياء وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وأبي بكر بخلاف عنه في كسر الهمزة وهذه قراءة واضحة ، أخبر تعالى أنهم لا يؤمنون البته على تقدير مجيء الآية وتم الكلام عند قوله : (وَما يُشْعِرُكُمْ) ومتعلق (يُشْعِرُكُمْ) محذوف أي (وَما يُشْعِرُكُمْ) ما يكون فإن كان الخطاب للكفار كان التقدير (وَما يُشْعِرُكُمْ) ما يكون منكم ثم أخبر على جهة الالتفات بما علمه من حالهم لو جاءتهم الآيات وإن كان الخطاب للمؤمنين كان التقدير (وَما يُشْعِرُكُمْ) أيها المؤمنون ما يكون منهم ، ثم أخبر المؤمنين بعلمه فيهم ، القراءة الثانية كسر الهمزة والتاء وهي رواية العليمي والأعشى عن أبي بكر عن عاصم ، والمناسب أن يكون الخطاب للكفار في هذه القراءة كأنه قيل : وما يدريكم أيها الكفار ما يكون منكم ثم أخبرهم على جهة الجزم أنهم لا يؤمنون على تقدير مجيئها ويبعد جدا أن يكون الخطاب في (وَما يُشْعِرُكُمْ) للمؤمنين وفي لا تؤمنون للكفار ، القراءة الثالثة فتح الهمزة والتاء وهي قراءة نافع والكسائي وحفص ، فالظاهر أن الخطاب للمؤمنين والمعنى وما يدريكم أيها المؤمنون أن الآية التي تقترحونها إذا جاءت لا يؤمنون بها يعني أنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون وأنتم لا تدرون بذلك ، وكان المؤمنون يطمعون في إيمانهم إذا جاءت تلك الآية ، ويتمنون مجيئها فقال : وما يدريكم أنهم لا يؤمنون على معنى أنكم لا تدرون ما سبق علمي به من أنهم لا يؤمنون ألا ترى إلى قوله (كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) ويبعد جدا أن يكون الخطاب في (وَما يُشْعِرُكُمْ) للكفار وأن في هذه القراءة مصدرية ولا على معناها من النفي ، وجعل بعض المفسرين أن هنا بمعنى لعل وحكي من كلامهم ذلك قالوا : إيت السوق إنك تشتري لحماير بدون لعلك ، وقال امرؤ القيس :
عوجا على الطلل المحيل لأننا |
|
نبكي الديار كما بكى ابن حرام |
وذكر ذلك أبو عبيدة وغيره ولعل تأتي كثيرا في مثل هذا الموضع قال تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) (١) (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) (٢) وفي مصحف أبي وما أدراكم
__________________
(١) سورة عبس : ٨٠ / ٣.
(٢) سورة الشورى : ٤٢ / ١٧.