(لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) أي لا مغير لأقضيته ولا مبدل لكلمات القرآن فلا يلحقها تغيير ، لا في المعنى ولا في اللفظ وفي حرف أبي لا مبدل لكلمات الله.
(وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي السميع لأقوالكم العليم بالضمائر.
(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي وإن توافق فيما هم عليه من عبادة غير الله وشرع ما شرعوه بغير إذن الله أكثر لأن الأكثر إذ ذاك كانوا كفارا ، والأرض هنا الدنيا قاله ابن عباس. وقيل : أكثر من في الأرض رؤساء مكة والأرض خاص بأرض مكة وكثيرا ما ذم الأكثر في كتابه والغالب أنه لا يقال الأكثر إلا للذين يتبعون أهواءهم.
(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) أي ليسوا راجعين في عقائدهم إلى علم ولا فيما شرعوه إلى حكم الله.
(وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) أي يقدرون ويحزرون وهذا تأكيد لما قبله. ومن المفسرين من خص هذه الطاعة واتباعهم الظن وتخرصهم بأمر الذبائح ، وحكي أن سبب النزول مجادلة المشركين الرسول في أمر الذبائح وقولهم : نأكل ما تقتل ولا نأكل ما قتل الله فنزلت مخبرة أنهم يقدرون بظنونهم وبخرصهم.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) لما ذكر تعالى يضلوك عن سبيل الله أخبر أنه أعلم العالمين بالضال والمهتدي ، والمعنى أنه أعلم بهم وبك فإنهم الضالون وأنت المهتدي و (مَنْ) قيل في موضع جر على إسقاط حرف الجر وإبقاء عمله ، وهذا ليس بجيد لأن مثل هذا لا يجوز إلا في الشعر نحو زيد أضرب السيف أي بالسيف. وقال أبو الفتح : في موضع نصب بأعلم بعد حذف حرف الجر وهذا ليس بجيد ، لأن أفعل التفضيل لا يعمل النصب في المفعول به ، وقال أبو علي : في موضع نصب بفعل محذوف أي يعلم من يضل ودل على حذفه أعلم ومثله ما أنشده أبو زيد.
وأضرب منا بالسيوف القوانسا
أي تضرب القوانس وهي إذ ذاك موصولة وصلتها (يُضِلُّ) وجوز أبو البقاء أن تكون موصوفة بالفعل. وقال الكسائي والمبرد والزجاج ومكي في موضع رفع وهي استفهامية مبتدأ والخبر (يُضِلُّ) والجملة في موضع نصب بأعلم أي أعلم أي الناس يضل كقوله (لِنَعْلَمَ