الرِّجْسَ) يلقى الله أو يصير الله العذاب والرجس بمعنى العذاب قاله أهل اللغة. وتعدية (يَجْعَلْ) بعلى يحتمل أن يكون معناه نلقي كما تقول : جعلت متاعك بعضه على بعض وأن تكون بمعنى يصير و (عَلَى) في موضع المفعول الثاني. وقال الزمخشري : (يَجْعَلُ اللهُ) يعني الخذلان ومنع التوفيق وصفه بنقيض ما يوصف به التوفيق من الطيب أو أراد الفعل المؤدّي إلى الرجس وهو العذاب من الارتجاس وهو الاضطراب ؛ انتهى. وهو على طريقة الاعتزالي ونقيض الطيب النتن الرائحة الكريهة ، و (الرِّجْسَ) والنجس بمعنى واحد قاله بعض أهل الكوفة. وقال مجاهد : (الرِّجْسَ) كل ما لا خير فيه. وقال عطاء وابن زيد وأبو عبيدة : (الرِّجْسَ) العذاب في الدنيا والآخرة. وقال الزجاج : اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة ، وقيل : (الرِّجْسَ) السخط. وقال إسماعيل الضرير : (الرِّجْسَ) التعذيب وأصله النتن النجس وهو رجاسة الكفر.
(وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً) الإشارة بقوله : (وَهذا) إلى القرآن والشرع الذي جاء به الرسول قاله ابن عباس ، أو القرآن قاله ابن مسعود ، أو التوحيد قاله بعضهم ، أو ما قرره في الآيات المتقدّمة في هذه الآية وفي غيرها من سبل الهدى وسبل الضلالة. وقال الزمخشري : (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ) طريقه الذي اقتضته الحكمة وعادته في التوفيق والخذلان ونحو منه قول إسماعيل الضرير يعني هذا صنع ربك و (هذا) إشارة إلى الهدى والضلال ، وأضيف الصراط إلى الرب على جهة أنه من عنده وبأمره (مُسْتَقِيماً) لا عوج فيه وانتصب (مُسْتَقِيماً) على أنه حال مؤكدة.
(قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) أي بيناها ولم نترك فيها إجمالا ولا التباسا.
(لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) يتدبرون بعقولهم وكأن الآيات كانت شيئا غائبا عنهم لم يذكروها فلما فصلت تذكروها.
لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨) وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ