وقرأ الأخوان : إلا أن يأتيهم بالياء. وقرأ ابن عمرو وابن سيرين وأبو العالية يوم تأتي بعض بالتاء مثل تلتقطه بعض السيارة وابن سيرين لا تنفع نفسا. قال أبو حاتم : ذكروا أنها غلط منه. وقال النحاس : في هذا شيء دقيق ذكره سيبويه وذلك أن الإيمان والنفس كل منهما مشتمل على الآخر فأنث الإيمان إذ هو من النفس وبها وأنشد سيبويه رحمهالله :
مشين كما اهتزت رماح تسفهت |
|
أعاليها مرّ الرياح النواسم |
انتهى.
وقال الزمخشري : وقرأ ابن سيرين لا تنفع بالتاء لكون الإيمان مضافا إلى ضمير المؤنث الذي هو بعضه لقوله : ذهبت بعض أصابعه ؛ انتهى. وهو غلط لأن الإيمان ليس بعضا للنفس ويحتمل أن يكون أنث على معنى الإيمان وهو المعرفة أو العقيدة ، فكان مثل جاءته كتابي فاحتقرها على معنى الصحيفة ونصب يوم تأتي بقوله : (لا يَنْفَعُ) وفيه دليل على تقدّم معمول الفعل المنفي بلا على لا خلافا لمن منع. وقرأ زهير القروي (يَوْمَ يَأْتِي) بالرفع والخبر (لا يَنْفَعُ) والعائد محذوف أي لا ينفع فيه وإن لم يكن صفة وجاز الفصل بالفاعل بين الموصوف وصفته لأنه ليس بأجنبي إذ قد اشترك الموصوف الذي هو المفعول والفاعل في العامل ، فعلى هذا يجوز ضرب هندا غلامها التميمية ومن جعل الجملة حالا أبعد ومن جعلها مستأنفة فهو أبعد.
(قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) أي انتظروا ما تنتظرون (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) ما يحل بكم وهو أمر تهديد ووعيد من قال : إنه أمر بالكف عن القتال فهو منسوخ عنده بآية السيف.
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) لما ذكر تعالى أن صراطه مستقيم ونهى عن اتباع السبل وذكر موسى عليهالسلام وما أنزل عليه وذكر القرآن وأمر باتباعه وذكر ما ينتظر الكفار مما هو كائن بهم ، انتقل إلى ذكر من اتبع السبل فتفرّقت به عن سبيل الله لينبه المؤمنين على الائتلاف على الدين القويم ، ولئلا يختلفوا كما اختلف من قبلهم من الأمم بعد أن كانوا متفقين على الشرائع التي بعث أنبياؤهم بها والذين فرّقوا دينهم الحرورية أو أهل الضلالة من هذه الأمّة أو أصحاب البدع أو الأهواء منهم ، وهو قول الأحوص وأمّ سلمة أو اليهود أو هم والنصارى وهو قول ابن عباس والضحاك وقتادة ، أي فرقوا دين إبراهيم الحنيف أو هم مشركو العرب أو الكفار وأهل البدع أقوال ستة. وافتراق النصارى إلى ملكية ويعقوبية ونسطورية