تحكيم الحاكم عليه ، فحكم بعده بالقتل (١) ، ولو كان بعد حكم الحاكم بقتله وأخذ ماله وسبي ذراريه سقط القتل وبقي الباقي ، وكذا إذا بذل الكتابي ومن في حكمه (٢) الجزية (٣) وما يعتبر معها (٤) من شرائط الذمة. ويمكن دخوله في الجزية ، لأن عقدها لا يتم إلا به فلا يتحقق بدونه.
(الخامس ـ المهادنة) (٥) وهي المعاقدة من الإمام (ع) أو من نصبه لذلك مع من يجوز قتاله (على ترك الحرب مدة معينة) بعوض وغيره بحسب ما يراه الإمام قلة ، (وأكثرها عشر سنين) (٦) ...
______________________________________________________
(١) أي فحكم الحاكم بعد إسلامه بالقتل.
(٢) وهو المجوسي لأن له شبهة كتاب كما تقدم.
(٣) حرم قتاله وقد تقدم دليله.
(٤) وهو الالتزام ببقية شرائط الذمة ، والواو بمعنى مع هنا ، إن قلت : عبارة المصنف قاصرة إذ جعل ترك القتال ببذل الجزية فقط ، فرد الشارح بأن الالتزام ببقية الشرائط يمكن دخوله في الجزية لعدم تحقق عقد الجزية إلا به.
(٥) وهي المعاقدة على ترك الحرب مدة معينة ، سواء كانت المهادنة بعوض أو بغير عوض ، فهي مشروعة بلا خلاف لقوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهٰا) (١) وقوله تعالى : (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلىٰ مُدَّتِهِمْ) (٢) ، وللمقطوع من سيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من مهادنته الكفار يوم الحديبية.
(٦) فالهدنة إلى أربعة أشهر فما دون بلا خلاف فيه لقوله تعالى : (بَرٰاءَةٌ مِنَ اللّٰهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عٰاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) (٣) ، ويمكن القول إنه امهال لهم على وجه التهديد والتوعد لا أنه عقد هدنة إلى أربعة أشهر.
هذا من ناحية القلة ، وأما من ناحية الكثرة فذهب الاسكافي والشيخ إلى أنها لعشر سنين لمصالحة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قريشا قدرها ، فيخرج به عن عموم الأمر بقتال المشركين ، والمشهور على أنه لا تجوز الزيادة على سنة لقوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) (٤) ، والأمر بقتالهم كل سنة يقتضي عدم جواز المهاونة أكثر من سنة ـ
__________________
(١) سورة الأنفال الآية : ٦١.
(٢) سورة التوبة الآية : ٤.
(٣) سورة التوبة الآية : ١.
(٤) سورة التوبة الآية : ٥.