وفرّقها بنفسه لم يجز (١) ، للنهي المفسد للعبادة وللمالك استعادة العين مع بقائها ، أو علم القابض ، (ودفعها إليهم ابتداء) من غير طلب (أفضل) (٢) من تفريقها بنفسه ، لأنهم أبصر بمواقعها ، وأخبر بمواضعها ، (وقيل) والقائل المفيد والتقي : (يجب) دفعها ابتداء إلى الإمام أو نائبه ، ومع الغيبة إلى الفقيه المأمون ، وألحق التقي الخمس محتجين بقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً) ، والإيجاب عليه يستلزم الإيجاب عليهم ، والنائب كالمنوب والأشهر الاستحباب.
(ويصدّق المالك (٣) في الإخراج بغير يمين) لأن ذلك ...
______________________________________________________
ـ لم يظفر بقائل ذلك ، وفيه : إن أدلة ولاية الفقيه قاصرة عن شمول مثل هذا المقام فإنها ناظرة إلى الفتيا وفصل النزاع بين المتخاصمين.
(١) كما عن الشيخ في المبسوط للنهي المفسد للعبادة ، وقال العلامة في التذكرة بالجواز لأنه دفع المال إلى مستحقه فخرج عن العهدة وإن أثم بمخالفته أمر الإمام عليهالسلام.
(٢) لأنهم أبصر بمواقعها ، وهذا يتم في الإمام المعصوم وأما في الفقيه فلا إذ قد يكون المالك أبصر من الفقيه خصوصا أنه يستحب ترجيح ذوي قرباه وأهل بلده.
وذهب المفيد والحلبي إلى وجوب دفعها إلى الإمام أو الفقيه ابتداء لظاهر الآية (خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهٰا) (١) وإذا وجب الأخذ وجب الدفع وفيه : إن الآية تدل على وجوب الدفع عند الطلب ولا تدل على وجوب الحمل ابتداء ولذا ذهب المشهور إلى الاستحباب لإطلاق الأدلة وخصوصا الأخبار الآمرة بإيصال الزكاة إلى مستحقيها ونصوص نقل الزكاة من بلد إلى بلد ، مع السيرة القطعية الدالة على جواز تفريقها من قبل المالك.
(٣) بلا إشكال ولا خلاف لخبر غياث عن جعفر عن أبيه عليهالسلام (كان علي عليهالسلام إذا بعث مصدقه قال له : إذا أتيت على رب المال فقل تصدق ـ رحمك الله ـ مما أعطاك الله ، فإن ولى عنك فلا تراجعه) (٢) وصحيح بريد عن أبي عبد الله عليهالسلام (بعث أمير المؤمنين مصدّقا من الكوفة إلى باديتها فقال له : يا عبد الله انطلق وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له. إلى أن قال. ثم قل لهم : يا عباد الله أرسلني إليكم وليّ الله لآخذ منكم حق الله في أموالكم ، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليّه ، فإن قال لك قائل : لا ، ـ
__________________
(١) التوبة آية : ١٠٣.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مستحقي الزكاة حديث ٤.