وآله» ـ وهو على حماره ـ بمجلس ابن أبي ، وفي المجلس أخلاط من المسلمين ، والمشركين ، واليهود ، وفيهم عبد الله بن رواحة ؛ فثار غبار من مشي الحمار ، فخمر ابن أبي أنفه بردائه ، وقال : لا تغبروا علينا.
فنزل إليهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، ودعاهم إلى الله ؛ فقال له ابن أبي : أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا ؛ فلا تؤذينا به في مجالسنا ، ارجع إلى رحلك ؛ فمن جاءك فاقصص عليه.
فقال ابن رواحة : بلى يا رسول الله فاغشانا ، فإنا نحب ذلك.
فاستب المسلمون والمشركون ، حتى كادوا يتبادرون ، فلم يزل رسول الله «صلى الله عليه وآله» يخفضهم حتى سكنوا.
ثم دخل على سعد بن عبادة ، فحدثه بما جرى ، فطلب منه سعد أن يصفح عن ابن أبي ؛ لأنهم كانوا على وشك أن يتوجوه قبل قدومه «صلى الله عليه وآله» ، فلما قدم انصرفوا عن ذلك.
وفي رواية أخرى : إنه «صلى الله عليه وآله» ذهب ومعه المسلمون إلى ابن أبي تألفا لقومه ، فلما أتاه قال له : إليك عني ، والله لقد آذاني ريح حمارك.
فقال أحد الأنصار : والله لحمار رسول الله أطيب ريحا منك ، فتعصب لابن أبي رجل من قومه فشتمه ، فغضب لكل منهما أصحابه ، فكان بينهم ضرب بالجريد والنعال ؛ فنزل قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ..)(١).
__________________
(١) الآية ٩ من سورة الحجرات ، السيرة الحلبية ج ٢ ص ٦٣ و ٦٤ ، والدر المنثور ج ٦ ص ٩٠ ، عن مسلم ، والبخاري ، وأحمد ، والبيهقي في سننه ، وابن مردويه ، وابن