وفي مجمع البيان : أن الذي قال لابن أبي ذلك ، هو عبد الله بن رواحة ، وأن التضارب كان بين رهط ابن رواحة من الأوس ، ورهط ابن أبي من الخزرج ، ولكن لا تخلو كلتا الروايتين من الإشكال.
فأولا : إن آية الصلح بين المؤمنين لا يمكن أن تنطبق على الرواية الأولى ؛ فإن النزاع فيها كان بين المشركين والمسلمين ، وليس بين طائفتين من المؤمنين.
بل لم يظهر من الرواية الثانية كون النزاع كان بين طائفتين من المؤمنين ، فإذا جعلنا الروايتين رواية واحدة ؛ لتقارب سياقهما ومضمونهما ، لم يمكن الاطمئنان إلى صحة كون الآية قد نزلت بهذه المناسبة.
وثانيا : إن الآية موجودة في سورة الحجرات ، وهي قد نزلت بعد سنوات من الهجرة ، لأنها نزلت بعد المجادلة والأحزاب ، التي نزلت في مناسبة الخندق وغيرهما.
وتقدم قولهم : إن هذه القضية قد حصلت قبل بدر.
هذا كله عدا عن التنافي بين مضمون كل من الروايتين كما هو ظاهر.
ولكن ذلك لا يعني أن الرواية مختلقة من الأساس ؛ فلربما تكون قد حصلت بعد سنوات من الهجرة ، بعد نزول سورة الحجرات ، وبعد إظهار ابن أبي للإسلام ؛ ويكون النزاع قد حصل بين طائفتين من المؤمنين ، وبذلك تكون الرواية الثانية هي الأرجح.
__________________
جرير ، وابن المنذر ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٥٧٨ و ٥٧٩ و ٥٦٠ ، عن البخاري ج ١ ص ٣٧٠ وج ٣ ص ٨٤٥.