خلقوا ليكونوا لهم خدما كما يزعمون.
فقد قررت الوثيقة : أن لا يخرج أحد من اليهود إلا بإذن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وأن الحاكمية إنما هي لدين الله ولرسول الله «صلى الله عليه وآله» لا لأحد سواه.
ولعل هذا القرار قد اتخذ أيضا من أجل أن لا يفسح المجال أمام اليهود لممارسة دور الإفساد والجاسوسية من الداخل لصالح الأعداء المتربصين بالإسلام وبالمسلمين شرا من الخارج ، ومن أجل أن يؤكد لكل الناس الذين يعيشون معهم وحولهم : أن ثمة قوة لا بد من الاعتراف بها ، والتعامل معها بواقعية وموضوعية وصدق.
١٠ ـ وقد أكد ما ذكرناه آنفا وعمّقه ذلك القرار الذي اعترف به اليهود وسجلوه على أنفسهم ، والذي ينص على أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» هو المرجع الذي يتولى حل المشكلات ، التي تنشأ فيما بينهم وبين المسلمين.
ولسنا بحاجة إلى التذكير بما لهذه المادة من مدلول سياسي ، ومن أثر نفسي واجتماعي عليهم وعلى غيرهم ممن يعيشون في المدينة ، وكذا ما لهذا القرار من أثر كذلك على المنطقة بأسرها.
هذا ، وقد حفظ بذلك المضمون العقائدي ، وروعيت فيه الجهات الفقهية ، كما يظهر بأدنى تأمل في ذلك ، ويمكن بحث هذه النقطة بصورة مستقلة في مجال آخر.
١١ ـ هذا كله ، عدا عن أن هذه الوثيقة قد ضمنت لمن تهود من الأنصار حقوقهم العامة ، وذلك من قبيل حق «الأمن» و «الحرية» بشرط ألا يفسدوا.