وهذان الحقان ولا سيما حق الحرية ، يؤكدان على أن الإسلام لا يخشى شيئا إذا كان منطلقا من الواقع وقائما على أساس الحق والصدق ، ولكنه يخشى من الإفساد ، ومن الإفساد فقط.
وهذا يصب في اتجاه الإسلام إلى التأكيد على المعرفة ، والدعوة إلى العلم ، لأنه يرى أنه أول من يستفيد من العلم ومن المعرفة ، ومن إطلاق الحريات ، في خط البناء ، لا في خط الهدم والافساد.
١٢ ـ ثم تضمنت الوثيقة : اعترافا من المنافقين والمشركين ، ومن اليهود أيضا بأن المؤمنين على أحسن هدى وأقومه ، مع أن ما كان يشيعه هؤلاء الأعداء إنما هو : أن هذا النبي قد جاء ليفرق جماعاتهم ، ويسفه أحلامهم ، و.. و.. الخ .. كما ذكره عمرو بن العاص للنجاشي ملك الحبشة.
١٣ ـ وجاء فيها أيضا قرار بإلغاء القبيلة التي توجب على القبيلة الانتصار لأبنائها ، حتى ولو كانوا المعتدين على غيرهم ، والظالمين لهم.
حيث تقرر أن على جميع المؤمنين أن يلاحقوا القاتل ، من كان ، ومهما كان.
كما أن ذلك إنما يعني إلغاء سائر الاعتبارات التي تؤثر في هذا المجال ، من قبيل الرئاسات ، والزعامات ، أو نوع القبيلة ، التي يكون المجرم منها ، كما كان الحال فيما بين بني قريظة وبني النضير ، حيث كان الامتياز في ذلك لبني النضير على بني قريظة.
١٤ ـ ثم إن هذه الوثيقة قد أعطت للمسلمين الحق في التصدي لأخذ أموال قريش (وليس المشركين) ؛ لأن قريشا هي التي سلبتهم أموالهم ، وأخرجتهم من ديارهم ، ليكون ذلك عوضا عما أخذ منهم.
وقد اعترف لهم بهذا الحق حتى المشركون ، الذين هم طرف في هذه