أهبط الله ملكا حين عرج برسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فأذن مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى ، ثم قال له جبرائيل : يا محمد ، هكذا أذان الصلاة» (١).
ولكن كون الإقامة مرة مرة ، مخالف لما هو ثابت قطعا عن أهل البيت «عليهم السلام» ، فإنه لا يرتاب أحد أنهم يروون ويرون أنها مثنى مثنى ، وذلك هو مذهب كثير من الصحابة ، والتابعين ، وفقهاء الإسلام.
وجعلها مرة مرة إنما كان على يد الأمراء ، فإن ذلك أمر استخفته الأمراء على حد تعبيرهم (٢) ، وإلا فإن الإقامة مرتين مرتين.
خامسا : عن عبد الله بن زيد نفسه قال : سمعت أذان رسول الله «صلى الله عليه وآله» فكان أذانه وإقامته مثنى مثنى (٣).
فلو كان هو الذي أري الأذان ، فلا بد أن يكون أعرف الناس به من كل أحد ، فلماذا يرويه عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
سادسا : حكى الداودي ، عن ابن إسحاق : أن جبرائيل أتى النبي «صلى الله عليه وآله» بالأذان قبل أن يراه عبدالله بن زيد وعمر بثمانية أيام.
ويؤيد ذلك ما رووه أيضا : من أن عمر قد ذهب ليشتري ناقوسا ، فأخبر : أن ابن زيد قد أري الأذان في المنام ؛ فرجع ليخبر رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقال له : «سبقك بذلك الوحي» (٤).
__________________
(١) راجع ما تقدم وما سيأتي.
(٢) المصنف لعبد الرزاق ج ١ ص ٤٦٣ ، وسنن البيهقي ج ١ ص ٤٢٥.
(٣) مسند أبي عوانة ج ١ ص ٣٣١ ، وراجع سنن الدارقطني ج ١ ص ٢٤١.
(٤) المصنف لعبد الرزاق ج ١ ص ٤٥٦ ، تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٦٠ ، وليراجع : البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٣٣ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٩٦ و ٩٧.