اضطر إلى الشرب من ماء البحر ، وهذا عجيب حقا!! فإنه إذا كان يستطيع الحصول على الماء فلما ذا لا يشرب من غيرها من العيون العذبة التي كانت في المدينة والتي تعد بالعشرات؟!.
كما أن من كان يمنعه من شرب الماء ، فإنه لم يكن ليسمح بدخول أي ماء كان إليه ، ومن أي مصدر كان.
ويقولون : إن عمارا أراد أن يدخل إليه روايا ماء ؛ فمنعه طلحة (١) ولم يستطع الحصول على الماء إلا من قبل علي الذي أرسل إليه الماء مع أولاده ، وعرضهم للأخطار الجسيمة ، كما هو معلوم.
وهل يمكن أن نصدق أنه شرب من ماء البحر حقا ؛ مع أن البحر يبعد مسافة كبيرة جدا عن المدينة ، أم أن ذلك كناية عن شربه للمياه غير العذبة والمالحة؟!
د ـ وإذا كان عثمان قد بذل هذا المال حقا ، فلما ذا لم تنزل فيه ولو آية واحدة تمدح فعله ، وتثني عليه؟! وكيف استحق علي أن تنزل فيه آيات حينما تصدق بثلاثة أقراص من شعير ، وحينما تصدق بخاتمه ، وحينما تصدق بأربعة دراهم ، وحين قضية النجوى؟! وهذا عثمان يبذل عشرات الآلاف ، ومئة بكرة من الإبل ، ولا يذكره الله بشيء ، ولا يشير له بكلمة ولا بحرف؟! بل إن الرواية التي تنقل هذه الفضيلة الكبرى عنه نراها متناقضة متهافتة ، لا تقوى ولا تثبت أمام النقد العلمي الحر والصريح.
وبعد .. لما ذا امتنع ـ كغيره ـ عن التصدق بدرهم في آية النجوى ، حتى
__________________
(١) وفاء الوفاء ج ٣ ص ٩٤٥.