جمعاء أيضا كذلك ، فإن المنحرف عقائديا ، وسلوكيا ، وأخلاقيا ، لا بد من استئصال انحرافه أولا ، بالدعوة بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، ثم بالإنذار ، ثم بالشدة والعنف ، حتى إذا أفلست كل تلكم الوسائل ، فإن آخر الدواء الكي ، وحيث يكون الداء خطيرا وخبيثا ، فإنه لا بد من الاستئصال أيضا ، ويكون عدم قطع هذا العضو الفاسد والمفسد خيانة للأمة ، وللأجيال ، وللإنسانية جمعاء.
بل إن خطر الانحراف الديني والعقائدي يفوق خطر المرض الجسدي ؛ فإن مرض الجسد ربما لا يتعداه إلا في نطاق محدود جدا ، أما المرض العقائدي والديني والفكري ، والانحراف الأخلاقي ، فقد يتسبب في تدمير الجسد ، والمال ، والجاه ، والإنسان ، والقيم الأخلاقية ، والإنسانية ، والمجتمع بأسره ، ويؤثر على الأجيال الآتية أيضا ؛ وذلك عندما لا تبقى لدى ذلك الإنسان المنحرف أية روادع تمنعه من ارتكاب أية جريمة ، والمبادرة إلى كل عظيمة ، حينما يكون المقياس عنده ، والمنطلق له هو مصالحه الشخصية ، ولذاته الفردية ، ولا شيء سواها ؛ فلا يهتم لرضا الله ، ولا لمصلحة الأمة ، ولا لأحكام الشرع والدين ، ولا حتى للعقل والمنطق.
وهكذا : فإن الجهاد من أجل منع الانحراف ومنع وقوع الكارثة ، يكون من الأحكام العقلية والفطرية ، فضلا عن الشرع والدين.
وبعد كل ما تقدم : فإننا نستطيع أن نقول بكل جرأة : إن الإسلام لو لم يستعمل السيف ، لم يكن دين الحق والعدل ، ولا دين الفطرة والعقل ، ولكان خائنا للمجتمع ، بل وللإنسانية جمعاء على مدى التاريخ.
كما أننا نعلم : أن السياسة القائمة على أساس الفكر والقوة المدافعة