والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه ، منهم : أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير» (١).
وقد استطاع معاوية أن يزين لأهل الشام أن عليا وأصحابه لا يصلون (٢).
وهكذا جرى أيضا للأنصار ، قال الزبير بن بكار ما ملخصه : إن سليمان بن عبد الملك قدم حاجا ، وهو ولي عهد ؛ فمر بالمدينة ، فأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سيرة النبي «صلى الله عليه وآله» ومغازيه ، فقال له أبان : هي عندي ، قد أخذتها مصححة ممن أثق به ، فأمر بنسخها فنسخت له ، فلما صارت إليه نظر ؛ فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين ، وذكر الأنصار في بدر ، فقال : ما كنت أرى لهؤلاء هذا الفضل ، فإما أن يكون أهل بيتي غمصوا (٣) عليهم ، وإما أن يكونوا ليس هكذا.
فقال أبان بن عثمان : أيها الأمير ، لا يمنعنا ما صنعوا بالشهيد المظلوم من خذلانه ، لأن نقول بالحق : هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا.
قال : ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين ، لعله يخالفه ، فأمر بذلك الكتاب فحرق.
فلما رجع ، وأخبر أباه ، قال عبد الملك : وما حاجتك أن تقدم بكتاب
__________________
(١) راجع شرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ٦٤.
(٢) الغدير ج ٩ ص ١٢٢ عن صفين للمنقري ص ٤٠٢ وعن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣ وعن شرح النهج للمعتزلي ج ٢ ص ٢٧٨ وعن الكامل في التاريخ ج ٣ ص ١٣٥.
(٣) غمص على فلان : كذب عليه ، وغمص على فلان كلامه : أي عابه عليه.