عليه الحباب بن المنذر بأن ينزل أدنى ماء من القوم ، ثم يصنع حوضا للماء ، ويغور سائر القلب ؛ فيشرب المسلمون ، ولا يشرب المشركون. ففعل الرسول «صلى الله عليه وآله» ذلك ، ثم صوب رأي الحباب.
فسمي الحباب حينئذ : «الحباب ذو الرأي» (١).
ولكن هذه الرواية لا تصح ، وذلك :
أولا : إنه قد دل الدليل على أن النبي «صلى الله عليه وآله» مصيب في كل ما يفعل ويرتتئي ، ولا يصغى لما يقال من جواز الخطأ عليه في الأمور الدنيوية ، فإنه مما يدفعه العقل والنقل. (وسيأتي البحث عن أن العصمة عن الخطأ والنسيان اختيارية عن قريب إن شاء الله تعالى).
وثانيا : إن العدوة القصوى التي أناخ بها المشركون كان فيها الماء ، وكانت أرضا لا بأس بها. ولا ماء بالعدوة الدنيا ، وهي خبار (٢) تسوخ فيها الأرجل (٣).
__________________
(١) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٧٢ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٦ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٥ ؛ والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٢٢ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٤٠٣ و ٤٠٢ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٧ ، وغير ذلك.
(٢) الخبار : ما لان من الأرض واسترخى.
(٣) راجع : فتح القدير ج ٢ ص ٢٩١ عن الزجاجو ٣١١ ، والكشاف ج ٢ ص ٢٢٣ و ٢٠٣ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٥ ، وتفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٩٢ عن ابن عباس ، وقتادة ، والسدي ، والضحاك ، والدر المنثور ج ٣ ص ١٧١ عن ابن المنذر ، وأبي الشيخ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٤ ، وسيرة ابن كثير ج ٢ ص ٤٠٠ وعن الكشاف ، وأنوار التنزيل ، والمدارك ، وغير ذلك.