وهكذا يتضح مفاد الآيات التي نحن بصددها ، ولربما تشير إلى ذلك أيضا الآية الثالثة المتقدمة ، التي أشارت إلى أنهم رغبوا في الأسرى ؛ لأنهم يريدون عرض الدنيا.
وإذا كانت الآيتان الأوليان متضمنتين لبيان طبع القوى الروحية في زمانين مختلفين ، فلا مانع من نزول الآيتين دفعة واحدة ، فإن وجود حكمين مختلفين في زمانين لا يوجب نزول الآية المتضمنة لأحدهما في زمان والمتضمنة للآخر في زمان آخر إذا كان ذلك الحكم حكما طبعيا وليس حكما تكليفيا.
ثم ذكر أيده الله : أن ظاهر التعليل في الآية الأولى بالفقه ، وفي الثانية بالصبر مع كون المقاتل مؤمنا في الآيتين ، يدل على أن الصبر يرجح الواحد في قوة الروح على مثليه ، والفقه يرجحه على خمسة أمثاله ، فإذا اجتمعا في واحد ترجح على عشرة أمثال نفسه (١) والصبر لا يفارق الفقه ، وإن جاز العكس (٢).
__________________
(١) قد يقال : إن مقتضى كلامه : أنهما لو اجتمعا رجح على سبعة أمثال نفسه. ونقول مقصوده رحمه الله أن الصبر يضاعف الخمسة التي نشأت عن الفقه. وهذا هو الأنسب والأوفق بظاهر الآيتين ، لأن بالفقه يحصل الصبر وسائر السجايا. والصبر يرجحه على مثليه.
(٢) راجع : الميزان للعلامة الطباطبائي ج ٩ ص ١٢٢ ـ ١٢٥.