علما بكلام العرب ولغاتها وغريبها ، وكان بلال بن أبي بردة يجمع بينهما وهو على البصرة يومئذ يحمله عليها خالد بن عبد الله القسري أيام هشام بن عبد الملك. قال يونس : قال أبو عمرو بن العلاء فغلبني ابن أبي إسحاق يومئذ بالهمز ، فنظرت فيه بعد ذلك ، قال : وبالغت فيه. قال إبراهيم الحربي (١) : كان أهل البصرة ـ يعني أهل العربية ـ منهم أهل الهوى إلا أربعة :
وإنهم كانوا أصحاب سنة : أبو عمرو بن العلاء ، والخليل بن أحمد ، ويونس (٢) بن حبيب ، والأصمعي.
قال الأصمعي : سمعت أبا عمرو يقول : أشهد أن الله تعالى يضل ويهدي. قال : قال قائل ... (٣) قلت : اغن عني نفسك.
قال الأصمعي : جمعنا بين أبي عمرو بن العلاء وبين محمّد بن مسعر الفدكي. قال أبو عمرو : ما تقول؟ قال : أقول : إن الله وعد [وعدا ، وأوعد](٤) إيعادا ، فهو منجز إيعاده كما هو منجز وعده. فقال أبو عمرو : إنك رجل أعجم ، لا أقول أعجم اللسان ولكن أعجم القلب ، إن العرب تعدّ الرجوع عن الوعد لؤما وعن الإيعاد كرما. وأنشد (٥) :
وإني إن أوعدته أو وعدته |
|
ليكذب إيعادي ويصدق موعدي |
قال الأصمعي (٦) حدّثنا الحزنبل (٧) حدّثنا إسماعيل بن أبي محمّد اليزيدي عن أبيه.
ح وحدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب ، عن محمّد بن سلام عن محمّد بن جعفر قال : تكلم عمرو بن عبيد (٨) في الوعيد سنة ، فقال أبو عمرو : إنك لألكن الفهم إذ صيّرت الوعيد في أعظم شيء مثله في أصغر شيء. فاعلم أن النهي عن الصغير والكبير ليسا سواء ، وإنما نهى الله عنهما لتتمّ حجته على خلقه ، ولئلا يعدل عن أمره وطاعته ، ووراء وعيده عفوه ووسيع كرمه ، وأنشد :
__________________
(١) تهذيب الكمال ٢١ / ٤١٣.
(٢) تحرفت في مختصر أبي شامة إلى : قريش ، والصواب عن تهذيب الكمال.
(٣) كلمة غير مقروءة في مختصر أبي شامة.
(٤) زيادة عن مختصر ابن منظور.
(٥) البيت لعامر بن الطفيل ، وهو في اللسان «وعد».
(٦) الخبر من هذا الطريق في تهذيب الكمال ٢١ / ٤١٣ ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٠٣.
(٧) كلمة غير مقروءة في مختصر أبي شامة ، والمثبت عن تهذيب الكمال.
(٨) عمرو بن عبيد ، من الزهاد ، معتزلي مشهور ، مات سنة ١٤٤ ، ترجمته في وفيات الأعيان ٣ / ٤٦٠.