[و] لا يرهب ابن العمّ مني صولة |
|
ولا أختبي (١) من صولة المتهدّد |
وإني وإن أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف ميعادي ومنجز موعدي |
فقال له عمرو : صدقت ، إن العرب تمتدح بالوفاء بالوعد دون الإيعاد (٢) ، وقد تمتدح بالوفاء بهما ، ألم تسمع قول الشاعر :
إن أبا خالد لمجتمع الر |
|
أي شريف الأفعال والبيت |
لا يخلف الوعد والوعيد ولا |
|
يبيت من ثأره على فوت |
قال عمرو : قد وافق هذا قول الله عزوجل (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا)(٣) الآية ، فقال له أبو عمرو : قد وافق الأول إخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والحديث يفسّر القرآن].
وقال الأصمعي : كنت عند أبي عمرو بن العلاء فجاء عمرو بن عبيد ، فقال : يا عمرو ، والله يخلف الميعاد؟ قال : لا ، قال : فإذا وعد على عمل ثوابا أنجزه؟ قال : نعم. قال : فإذا أوعد على عمل عقابا أنجزه؟ قال : إن الوعد عند العرب غير الوعيد ، إن العرب لا تعد خلفا إن يعد بالشرّ فلا تفي به ، إنما الخلف عندهم أن يعد بالخير فلا يفي به أما سمعت قول الشاعر :
لا يرهب ابن العم والجار سطوتي |
|
ولا آسى من سطوة المتهدد |
وإني إذا أوعدته أو وعدته |
|
ليكذب إيعادي ويصدق موعدي |
وفي رواية : لمخلف إيعادي ومنجز موعدي.
وفي أخرى : سأخلف إيعادي وأنجز موعدي.
وفي رواية (٤) : جاء عمرو بن عبيد إلى أبي عمرو بن العلاء ، فقال : يا أبا عمرو الله يخلف وعده؟ قال : لن يخلف الله وعده ، فذكر عمرو آية وعيد ، فقال أبو عمرو : من العجمة أتيت يا أبا عثمان (٥) ، إن الوعد غير الوعيد ، إن العرب لا تعد خلفا ولا عارا أن تعد شرّا ثم لا
__________________
(١) أختبي : أي لا أذل ولا أخاف. وفي تهذيب الكمال : «أختشي» وفي أنباه الرواة : أختفي.
(٢) في تهذيب الكمال : الوعيد.
(٣) سورة الأعراف ، الآية : ٤٤.
(٤) انظر أنباه الرواة ٤ / ١٣٩ باختلاف.
(٥) أبو عثمان كنية عمرو بن عبيد.