صبّر النّفس عند كل ملمّ |
|
إن في الصبر حيلة المحتال |
لا تضيقن في الأمور فقد تك |
|
شف لأواؤها بغير احتيال |
ربما تجزع النفوس من الأم |
|
ر له فرجة كحلّ العقال |
قد يصاب الجبان في آخر الصف |
|
وينجو مقارع الأبطال (١) |
فقلت : ما وراءك يا أعرابي؟ فقال : مات الحجّاج. فلم أدر بأيهما أفرح ، بموت الحجاج أو بقوله فرجة ـ بفتح الفاء ـ لأني كنت أطلب شاهدا لاختياري القراءة في سورة البقرة (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً)(٢).
قال الأصمعي : الفرجة من الفرج ، والفرجة فرجة الحائط. وأول هذا الشعر :
يا قليل العزاء في الأهواء |
|
وكثير الهموم والأوجال |
قال أبو عمرو بن العلاء : كنا نفر أيام الحجّاج ، وفي رواية : كنا هرابا من الحجّاج بصنعاء فسمعت منشدا ينشد :
ربما تكره النفوس من |
|
الأمر له فرجة كحل العقال |
فاستطرفت قوله فرجة ، فإنا كذلك إذ سمعت قائلا يقول : مات الحجاج ، فما أدري بأي الأمرين كنت أشد فرحا بموت الحجاج أم بذلك البيت.
وفي رواية قال : هربت من الحجاج ، فكنت باليمن على سطح يوما ، فسمعت قائلا يقول ، البيت ، فخرجت ، فإذا رجل يقول : مات الحجاج.
وفي رواية : خرجت هاربا من الحجّاج ، فأتيت مكة ، فبينا أنا ذات يوم أطوف إذا بأعرابي ينشد هذا الشعر :
ربما شفق النفوس من الأمر |
|
له فرجة كحل العقال |
قلت : وما ذاك رحمك الله؟ قال : مات الحجاج.
قال الأصمعي (٣) : كان نقش خاتم أبي عمرو بن العلاء :
وإن امرأ دنياه أكبر همّه |
|
لمستمسك منها بحبل غرور |
__________________
(١) الأبيات في خزانة الأدب ٢ / ٥٤٤ وقد نسبت لأكثر من شاعر.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٤٩.
(٣) تهذيب الكمال ٢١ / ٤١٥.