دع الهمّ بالرّزق يا غافلا |
|
فربّك منه لنا قد فرغ |
فما لك منه إذا ما افتكرت |
|
بعقل صحيح سوى ما مضغ |
وجاز التراقي بلا مانع |
|
وفاتك بالجوف (١) لما بلغ |
فدع ذكر دنيا تبدّت لنا |
|
كسمّ الشّجاع (٢) إذ ما لدغ |
فإني خلوت بذكري لها |
|
وخالفت إبليس لما نزغ |
فألفيتها مثل ماء الإناء |
|
وكلب العشيرة فيه (٣) يلغ |
فخليتها عن قلى كلها |
|
وعلّلت نفسي بأخذ البلغ |
[وأنشدوا لأبي عمرو بن العلاء :](٤)
أبنيّ إن من الرجال بهيمة |
|
في صورة الرجل السميع المبصر |
فطن بكلّ مصيبة في ماله |
|
فإذا يصاب بدينه لم يفغر |
قال ابن أبي خيثمة : حدّثنا سليمان بن أبي شيخ ، حدّثنا أبو سعيد الرّازي : قدم علينا أبو عمرو بن العلاء الكوفة على محمّد بن سليمان ، فكنت أجالسه ، فذكر يوما أهل البصرة فقدّمهم على أهل الكوفة فجعلت أرد ذاك عليه ، وأقدّم أهل الكوفة. فقال أبو عمرو : لكم حذلقة النّبط وصلفها ، ولنا دهاء فارس وأحلامها. فأردت أن أقول له : ولكم حدة الخوز (٥) ونزقها ، فاستحييت منه. فقال لي ابن أبي ثروان مولى قريش : لوددت يا أبا سعيد أنك قلتها له ، وأني غرمت ألف درهم.
قال أبو عبيدة (٦) [معمر بن المثنى] : خرج أبو عمرو بن العلاء إلى دمشق إلى عبد الوهّاب بن إبراهيم يجتديه ، ثم رجع فمات بالكوفة. فصلى عليه محمّد بن سليمان وهو أمير الكوفة يومئذ.
قال أبو عبيدة : فحدّثني يونس أن أبا عمرو كان يغشى عليه ويفيق ، فأفاق من غشية له
__________________
(١) في مختصر أبي شامة : بالحرف ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٢) الشجاع : الحية الذكر ، وقيل : الحية مطلقا.
(٣) في مختصر أبي شامة : فيها.
(٤) زيادة للإيضاح عن مختصر ابن منظور.
(٥) في مختصر أبي شامة : الخزر ، ولعل الصواب ما أثبت عن مختصر ابن منظور ، والخوز : جيل من الناس ، وجبل معروف في المعجم (اللسان).
(٦) الخبر في تهذيب الكمال ٢١ / ٤١٥ ـ ٤١٦ وأنباه الرواة ٤ / ١٣٦.