تدعك أن تسهر ، والبلاء لا يدعني أنام ، والله أسأل أن يسوق إلى أهل العافية الشكر ، وإلى أهل البلاء الأجر.
قال الأصمعي : كان لأبي عمرو بن العلاء وظيفة في كل يوم ريحان بفلس ، وكوز جديد بفلس.
وفي رواية : كان لأبي عمرو بن العلاء من غلّته كل يوم فلسان : يشتري بفلس ريحانا ، وكوزا جديدا بفلس ، فيشرب فيه يومه ، وإذا أمسى تصدّق به ، ويشمّ الريحان يومه ، فإذا أمسى قال للجارية : جفّفيه ودقّيه في الأشنان.
قال معاوية بن سالم بن خالد بن معاوية بن أبي عمرو بن العلاء :
كان جدي أبو عمرو يجلس إليه رجل يستثقله ، فكان إذا طلع دخل وتركه ، وكتب إليه يستعطفه ، فكتب إليه أبو عمرو :
أنت يا صاحب الكتاب ثقيل |
|
وقليل من الثقيل كثير |
قال محمّد بن العباس اليزيدي : حدّثني عمي قال :
غاب أبو عمرو بن العلاء عن مجلسه عشرين سنة ، ثم عاد إليه ، فلم يعهد به الذين كان يجالس ، فأنشد :
يا منزل الحي الذين |
|
تفرقت بهم المنازل |
أصبحت بعد عماره قفرا |
|
تخرقك الشمائل |
فلئن رأيتك موحشا |
|
فيما تكون وأنت آهل |
قال أبو عبيدة : سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول ويحلف :
[الطلاق الثلاث البت لازم له](١) إن كانت العرب قالت أجود من هذه الأربعة أبيات :
كن للمكاره بالعزاء مقلّعا |
|
فلقلّ يوم لا ترى ما تكره |
فلربما استتر الفتى فتنافست |
|
فيه العيون وإنه لمموّه |
ولربما خزن الكريم لسانه |
|
حذر الجواب وإنه لمفوّه |
ولربما ابتسم الكريم من الأذى |
|
وفؤاده من حرّه يتأوّه |
وأنشد لأبي عمرو بن العلاء :
__________________
(١) الزيادة عن مختصر ابن منظور.