رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يسأل شيئا إلّا أعطاه أو سكت ، فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال عمر : لا والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «صدق عمر» [١٣٥٢٧].
وقال أحمد بن منصور بن سيار ، حدّثنا أبو الوليد عكرمة بن قتادة بن يحيى بن عبد الله ابن أبي قتادة حدّثني أبي عن أبيه عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة أنّه قال :
خرجت مع النبي صلىاللهعليهوسلم في غزوة حنين ، فلما التقينا جعل رجل من المشركين يفعل بالمسلمين ويذر ، ثم وجد غمزا في بطنه ، فخرج من الصف ، فخرجت في إثره ، فبدرني وفي يده سيفه وترسه ، وفي يدي سيفي وترسي ، فأقبل عليّ بوجهه فقال : أما ترى ما أصنع بأصحابك منذ اليوم؟ ارجع. فأقبلت إليه وما أكلمه ، فأقبل إلى يرمي بزبد كزبد البعير ، فلما دنا مني حمل عليّ ضربتين : ضربة اتقيتها بترسي ، فعضّ ترسي على سيفه ، وضربته ضربة على حبل عاتقه ، فجافته ، فلما وجد طعم الموت خلّى سيفه ، ثم ضمني إليه ، فو الذي أكرم محمّدا بما أكرمه به لو لا أن نفسه عجلت ؛ لظننت أن نفسي تخرج قبل نفسه. قال : ثم رجعت إلى موضعي فقاتلت مع النبي صلىاللهعليهوسلم حتى هزمهم الله [قال :] ثم جمعت الأسلاب ، فكان الرجل عليه سلب كامل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من عرف سلبا فليقم فليأخذه» قال : فهممت بالقيام ثم ثبتّ. [قال :] فعلت ذلك مرة أو مرتين فرمقني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «يا أبا قتادة ، ما لي أراك تهمّ بالقيام ثم تجلس؟» فقلت : لا شيء يا رسول الله. قال : «أشهد لتخبرني». قلت : يا رسول الله ، إن رجلا من المشركين كان يفعل في المسلمين ويذر ، فخرج من الصف ، وخرجت فقتلته ، وكان عليه سلب كامل ؛ فلم أره يا رسول الله. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أخذ سلب قتيل أبي قتادة؟» فقال رجل من الصحابة : أنا يا رسول الله ، فأرضه عني. قال : فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولم يقل شيئا. فقام عمر بن الخطاب ، فقال : لا والله ، لا يقوم أسد من أسد الله عزوجل يقاتل في الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، ويكون غيره أسعد بسلب قتيله. فقام الرجل فجاء به ، فقال : هو ذا يا رسول الله. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «خذه يا أبا قتادة». قال أبو قتادة : فأخذته ، فبعته بسبع أواق من ذهب ، فاشتريت مخرفا (١)(٢) في بني سلمة ، فكان أول مال اعتقدته (٣) في الإسلام [من نائل](٤)(٥).
__________________
(١) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٤ / ٣٨٠ رقم ١٢٩٧٦ طبعة دار الفكر وسير الأعلام ٢ / ٤٥٥.
(٢) المخرف : الحائط من النخل.
(٣) أي : اقتنيته.
(٤) الزيادة عن مختصر ابن منظور.
(٥) زيد في مختصر ابن منظور : وفي رواية : فبعته من حاطب بن أبي بلتعة.