قال ابن سعد (١) :
ثم سرية أبي قتادة بن ربعي إلى خضرة (٢) ، وهي أرض بني محارب بنجد ، في شعبان سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قالوا :
بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا قتادة ومعه خمسة عشر رجلا إلى غطفان ، وأمره أن يشنّ عليهم الغارة. فسار الليل ، وكمن النهار ، فهجم على حاضر منهم عظيم ، فأحاط بهم (٣) فصرخ رجل منهم : يا خضرة! وقاتل منهم رجال ، فقتلوا من أشرف (٤) لهم واستاقوا النّعم ، فكانت الإبل مائتي بعير ، والغنم ألفي شاة ، وسبوا سبيا كثيرا ، وجمعوا الغنائم ، فأخرجوا الخمس فعزلوه ، وقسموا ما بقي على أهل السّرية ، فأصاب كل رجل اثنا عشر بعيرا ، فعدل البعير بعشر من الغنم ، وصارت في سهم أبي قتادة جارية وضيئة ، فاستوهبها منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فوهبها له ، فوهبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمحمية بن جزء ، وغابوا في هذه السرية خمس عشرة ليلة.
وقال ابن سعد (٥) :
ثم سرية أبي قتادة بن ربعي إلى بطن إضم في أول شهر رمضان سنة ثمان [من مهاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٦) قالوا :
لما همّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بغزو أهل مكة ، بعث أبا قتادة في ثمانية نفر سرية إلى بطن إضم ، وهي فيما بين ذي خشب وذي المروة ، وبينها وبين المدينة ثلاثة برد ، ليظنّ ظان أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم توجّه إلى تلك النّاحية ، ولأن تذهب بذلك الأخبار ، وكان في السّرية محلّم بن جثّامة الليثي ، فمرّ عامر بن الأضبط الأشجعي ، فسلّم بتحية الإسلام ، فأمسك عنه القوم ، وحمل عليه محلّم بن جثّامة فقتله وسلبه بعيره ومتاعه ، ووطب لبن كان معه ، فلما لحقوا بالنبي صلىاللهعليهوسلم ؛ نزل فيهم القرآن : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ)(٧) إلى آخر الآية.
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢ / ١٣٢ ـ ١٣٣.
(٢) خضرة بفتح أوله وكسر ثانيه ، (راجع معجم البلدان ٢ / ٣٧٧).
(٣) في مختصر أبي شامة : «به» والمثبت عن ابن سعد.
(٤) أي ظهر لهم منهم.
(٥) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢ / ١٣٣.
(٦) ما بين معكوفتين زيادة عن ابن سعد.
(٧) سورة النساء ، الآية : ٩٤.