كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا صلّى الصبح قال وهو ثاني (١) رجله (٢) : «سبحان الله وبحمده ، وأستغفر الله إنّ الله كان توابا» سبعين مرة ، ثم يقول سبعين ، بسبع مائة ، «لا خير فيمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبع مائة» ثم يقول ذلك مرتين ، ثم يستقبل الناس بوجهه وكان تعجبه الرؤيا ثم يقول : «هل رأى أحد منكم شيئا؟» قال ابن زمل : فقلت : أنا يا نبي الله قال : «خير تلقاه ، وشرّ توقاه ، وخير لنا ، وشر على أعدائنا ، والحمد لله رب العالمين ، اقصص (٣)» فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب والناس على الجادة منطلقين ، فبينا هم كذلك إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيني مثله يرف رفيفا يقطر ماؤه فيه من أنواع الكلأ. قال فكأني بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج كبروا ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فلم يظلموه يمينا ولا شمالا ، قال : فكأني أنظر إليهم منطلقين ثم جاءت الرعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافا فلما أشفوا على المرج كبروا ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتع وفيهم الآخذ الضغث ومضوا على ذلك ، قال : ثم قدم عظم الناس فلمّا أشفوا على المرج كبروا وقالوا : يا هذا خير (٤) المنزل كأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا ، فلمّا رأيت ذلك لزمت الطريق حتى أتي أقصى المرج ، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات وأنت في أعلاها درجة وإذا عن يمينك رجل آدم شعث (٥) أقنى ، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولا ، وإذا عن يسارك رجل ربعة تارّ (٦) أحمر كثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء إذا هو تكلم أصغيتم له إكراما له وإذا أمامكم رجل شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها كلكم تؤمونه تريدونه وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف ، فإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعتها (٧). قال فانتقع لون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ساعة ، ثم سري عنه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب فذاك ما حملتكم عليه من الهدى ، وأنتم عليه ، وأما المرج الذي رأيت فالدنيا وغضارة عيشها مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق منها ولم تتعلق منا ،
__________________
(١) كذا بالأصل.
(٢) كذا ، وفي مختصر ابن منظور : «رجليه» ومثله في دلائل النبوة.
(٣) في دلائل النبوة : اقصص رؤياك.
(٤) بالأصل : «حين» والمثبت عن دلائل النبوة.
(٥) غير واضحة بالأصل ورسمها : «؟؟؟» وفي مختصر ابن منظور : «شتل» والمثبت عن دلائل النبوة.
(٦) التار : الممتلئ البدن.
(٧) في دلائل النبوة : تبعثها.