ولم نردها ولم تردنا ، ثم جاءت الرعلة الثانية من بعدنا وهم أكبر منا أضعافا فمنهم المرتع ومنهم الآخذ الضغث ، ونجوا(١) على ذلك ثم جاء معظم الناس ، فمالوا في المرج يمينا وشمالا فإنا لله وإنا إليه راجعون. وأما أنت فمضيت على طريقة صالحة فلن تزل عليها حتى تلقاني ، وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة فالدنيا سبعة آلاف سنة أنا في آخرها ألفا ، وأما الرجل الذي رأيت على يميني الآدم الشثل(٢) فذلك موسى عليهالسلام إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه ، والذي رأيت عن يساري التار الربعة الكثير خيلان الوجه كأنما حمم شعره بالماء فذاك عيسى بن مريم نكرمه لإكرام الله إياه ، وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقا ووجها فذلك أبونا إبراهيم كلنا نؤمه ونقتدي به ، وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها فهي الساعة علينا تقوم لا نبي بعدي ، ولا أمة بعد أمتي». قال : فما سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن رؤيا بعد هذا إلّا أن يجيء الرجل فيحدثه بها متبرعا [١٣٥٧٢].
كتب إليّ عبد القادر بن محمّد ، أنبأ إبراهيم بن عمر البرمكي.
ح وحدّثنا أبو المعمر الأنصاري ، أنا المبارك بن عبد الجبار ، أنبأ علي بن عمر بن الحسن ، وإبراهيم بن عمر البرمكي.
قالا : أنا أبو عمر بن حيويه ، أنبأ عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمّد قال أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال :
أما قوله : على طريق رحب ، فالرحب : الواسع ، ومنه يقال : رحبت بلادك أي اتسعت ، ومنه يقال مرحبا : قال الأصمعي في قول الناس : مرحبا أتيت رحبا أي سعة ، وقولهم أهلا أي أنت أهلا لا غربا فأنس ولا تستوحش ، وسهلا أي أتيت سهلا لا حربا ، وهو في مذهب الدعاء كما تقول لقيت خيرا.
وأما اللاحب : فالطريق المنقاد الذي لا ينقطع قال امرؤ القيس(٣) :
على لاحب لا يهتدي بمناره |
|
إذا سافه(٤) العود النّباطي(٥) جرجرا(٦) |
__________________
(١) في دلائل النبوة : ولجوا.
(٢) الشثل : الغليظ المكتنز اللحم.
(٣) البيت في ديوانه ص ٩٥ (ط : صادر ـ بيروت).
(٤) بالأصل : ساقه ، والمثبت عن الديوان.
(٥) رسمها بالأصل : «؟؟؟» والمثبت عن الديوان ، والنباطي الضخم ، والنباطي : نسبة إلى النبط وهم قوم كانوا ينزلون بالبطائح بين العراقين.
(٦) بالأصل : حرحرا ، والمثبت : جرجرا ، عن الديوان.