راهب دير القديس سابا وكهنته ، وقساوسة الأرثوذكس أن يحتلوا مكانا فوق الضريح. وفي الوقت نفسه طلب من دانيال أن يأخذ مكانا مرتفعا فوق باب الضريح المقدس أمام المذبح العالي ، ليتسنى له الرؤية من خلال ابواب الضريح ، والذي كان مختوما بالختم الملكي. وفي الساعة الثامنة بدأ القساوسة الأرثوذكس والرهبان والنساك بترتيل صلاة المساء ، بينما بقي دانيال يراقب الأبواب الثلاثة من موقعه ، وبعد قليل غادر الأسقف المذبح العالي إلى باب الضريح ونظر من خلال فرجة مشبكة ، ثم وفي الساعة التاسعة سقط مطر خفيف من خلال السقف المفتوح وبلل جميع هؤلاء ومن كانوا فوق الضريح.
وكما أعتقد فانه ربما يكون هناك شك قليل فيما يتعلق بموقع الأبواب الثلاثة ، وأنها كانت في جدار السور المحيط ، وليس في البرج ، ولا بد أنها كانت من أرض المبنى الذي تعلوه قبة دائريةRotunda إلى المساحة الفارغة التي كانت تقع أمام باب حجرة الضريح والتي كان يشغلها جزء مرتفع. ويبدو أنه عند ما بنيت كنيسة الملاك حفظت الأبواب الثلاثة ، كما هو مبين في شكل (١) أ، ب ، ج.
ويحدد يوحنا فورزبورغ (١١٣٠ م) مكان الأبواب الثلاثة في الجهة الشرقية ، وان أحدهما كان يواجه الجوقة (١). ويشير الادريسي (٢) (١١٥٤ م) لوجود بابين أحدهما في الشمال ، والآخر في الجنوب وكانا في مواجهة المدخل الشمالي والمدخل الجنوبي للكنيسة.
وبالنسبة للأماكن الدقيقة التي اتخذها الكهنة والقساوسة ودانيال فهي مسائل أكثر صعوبة. وقد علمت أنه في كل حالة أن جميع المخطوطات الروسية تنص على كل كلمة فوق الضريح بمعنى الارتفاع ، وهذا ينص بالضرورة على وجود شرفة أو مصطبة فوق الكنيسة. ومع ذلك فلا يوجد أية إشارة لمثل هذه الشرفة في أي من الكتابات التي وصلت إلينا ، ووصف سايولف لضريح السيد المسيح الذي يقول بأنه محاط بسور قوي جدا ، وسقف خشية أن يسقط المطر عليه ، ومن الصعوبة بمكان أن يتفق هذا الوضع مع وجود مثل هذه الشرفة. إن كنيسة الضريح المقدس صغيرة ، ولا بد أنها كانت دائما كذلك ، ولا يمكن وجود متسع فوقها لكي يحتل العديد من الكهنة والقساوسة مكانا يمكن أن يوحي بوجود خدعة في عملية إصدار النور المقدس.
ومن الصعب أيضا شرح موقع دانيال ، الذي مكنه من الرؤية من خلال الأبواب الثلاثة للضريح على افتراض أنه كان فوق الضريح ، أثناء الاحتفال بشعائر النور المقدس. ويبدو لي أنه أكثر احتمالا
__________________
(١) جوقة المنشدين والمرتلين في الكنيسة.
(٢) الشريف الادريسي : هو ابو عبد الله محمد المتوفي سنة ٥٦٠ ه ، الف كتابا في الجغرافيا تحت اسم نزهة المشتاق في اختراق الافاق. ولقد لقب الادريسي باسترابون العرب ، وهو يعتبر اعظم جغرافيي العرب في العصر الوسيط ، وكتابه يزخر بالمعلومات الصحيحة ، كما أنه يتضمن مادة وافرة عن بلاد إسلامية وأوروبية. ويقال إنه قدم لروجر ملك صقلية أول كرة أرضية في التاريخ ، وقد رسم عليها خريطة لجميع بلاد العالم. عبد العزيز سالم : التاريخ والمؤرخون العرب ، «مؤسسة شباب الجامعة» ، الإسكندرية ١٩٨١ م ، ص ١٩٣ ـ ١٩٤.