ولبنان وبعض جزر البحر المتوسط ، ولكنها لم تتجاوز الأماكن التي كان للسيد المسيح عليه السلام ، أو لأمه مريم العذراء أو لحوارييه نصيب وافر منها. وقد حظيت بيت المقدس أيضا بنصيب وافر من الرحلة.
وقد أتى الراهب دانيال على سبب الرحلة فقال : " سيطرت علي الأفكار ، ثم الحنين المتعطش لرؤية مدينة بيت المقدس ، التي جاسها سيدنا المسيح بقدميه ، وحيث ظهرت عليه المعجزات. ويؤكد دانيال الروسي أن الشخص الذي ينجز هذه الرحلة بتواضع ، وخشية من الله لن يأثم أبدا أمام الرحمة الإلهية (١). ويشير إلى أنه" وصف تلك الطريق والأماكن المقدسة بدون فخر أو اعتزاز بشيء ما ، كالحصول على مكافأة أو تقدير. هذا التفكير في حقيقة الأمر بعيد عني ، لأنني لم أعمل شيئا صالحا أثناء رحلتي وأني أكتب عن مشاهداتي بدافع من حبي لتلك الأماكن المقدسة ، وحتى يتسنى لي أن أتذكر كل ما سمح الله برؤيته بالرغم من عدم جدارتي ، وخشية من أن أكون ذلك العبد الفاسد الذي يدفن الموهبة التي منحها له مولاه. قمت بالكتابة من أجل المؤمنين ليتسنى لهم عند سماع وصف هذه الأماكن المقدسة ، أن ينتقلوا إليها ذهنيا من أعماق أرواحهم ، وهكذا يكسبون من الله الثواب نفسه الذي حصل عليه من زاروا تلك الأماكن المقدسة (٢).
وما تميزت به رحلة الراهب دانيال أنه كان يحدد المسافات ، بعد كل مكان يزوره عن الأماكن السابقة أو اللاحقة في الرحلة ، كما كان يعنى بأبعاد بعض الأماكن الدينية. ونستطيع أن نقول أن الأماكن جميعها كانت دينية ، أو متصلة بالدين من وجهة نظره.
أما لغة الرحلة فلم تكن أدبية وقد اعترف بذلك حينما قال : " لا تحتقروا الجهل الذي قادني لوصف الأماكن المقدسة ، بيت المقدس وأرض الميعاد ، بكلمات بسيطة دون مهارة أدبية ، وإذا كنت كتبت دون ثقافة ، أو دراية ، فعلى الأقل ليس هناك كذب وإنني لم أصف شيئا لم أره بأم عيني (٣). وهاتان ميزتان أخريان لرحلة الراهب دنيال هما : أنه لم يكذب ، ولم يصف شيئا لم يره بأم عينه. وقد ختم رحلته هذه بالدعاء لجميع الأمراء والأميرات الروس وأولادهم والأساقفة والرهبان والنبلاء وجميع المسيحيين ، وأدرج أسماءهم في دير القديس سابا.
وتتضمن الرحلة ستة ملاحق هي : كنيسة القديس ستيفن ، وكنيسة الضريح المقدس ، وقبة الصخرة ، والميعة أو العبهر ، وخلاصة وصف شعائر هبوط النور المقدس ، وشجرة نسب الأمراء الروس. وبالإضافة إلى هذه الملاحق ، اشتملت الرحلة على ثلاثة اشكال تخطيطية ، الأول يبين
__________________
(١) رحلة الحاج الروسي دانيال الراهب في الأراضي المقدسة ، ص ٣٩.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٤٠.
(٣) المصدر نفسه ، ص ١٣٠.