الأراضي السورية ثم وصل إلى فلسطين (١). وتعتبر رحلة اركولف (٢) الذي زار المنطقة سنة ٦٧٠ م من الرحلات الهامة ، والمميزة لأنها حدثت في عهد الدولة الأموية ، في عصر القوة الإسلامية الناهضة ، كذلك تعرض اركولف لوصف الكثير من المواقع الهامة في بيت المقدس على وجه التخصيص ، فقد وصف وادي قدرون ، ووصف مسجد عمر ، ووصف كنيسة القيامة والمهد ... ويذكر أركولف أن سور بيت المقدس كان يضم أربعة وثمانين برجا وست بوابات. ويقول أن جماهير غفيرة من الناس تجتمع في المدينة المقدسة لشراء البضائع التجارية أو بيعها (٣). وبعده بحوالي إحدى وخمسين سنة حضر إلى الأراضي المقدسة الرحالة الانجليزي ويليبالد (٤) الذي زار فلسطين سنة ٧٢٣ م وقدم وصفا دقيقا للأماكن التي قام بزيارتها. ومن الرحلات الأوروبية التي تلقي كثيرا من الضوء على الأراضي المقدسة رحلة الحاج برنارد الحكيم (٥) التي زار خلالها مصر وفلسطين.
وشهدت فترة الحروب الفرنجية الصليبية قدوم العديد من الحجاج والرحالة الغربيين نخص بالذكر منها رحلة الحاج سايولف (٦) في الأراضي المقدسة في الفترة الواقعة بين سنتي
__________________
(١) Antoninus Martyr ,PP ١ ـ ٣.
(٢) أركولف : هو أحد الحجاج الفرنسيين ، وكان أحد رجال الدين ، وربما كان قسيساPriest أو اسقفاBishop ، قام بزيارة فلسطين في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي / الأول الهجري. وهو بذلك يعتبر أول رحالة غربي زار بلاد الشام عقب الفتح الإسلامي للمنطقة ، وقد تواجد في بلاد الشام خلال الفترة الواقعة بين شهري يناير وسبتمبر سنة ٦٧٠ م انظر : محمود سعيد عمران : كتابات الرحالة اركولف كمصدر لبلاد الشام في عصر الراشدين في بلاد الشام في صدر الإسلام ، المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام ، المجلد الثالث ، عمان ١٩٨٧ م ، ص ٣١١. ويذكر أركولف أن معاوية بن أبي سفيان" ملك المسلمين".
ويتحدث أركولف عن خصوبة المزروعات في فلسطين وخاصة القمح والشعير في جبل الزيتون في المدينة المقدسة ، هذا إلى جانب أشجار الزيتون والكرمة. ويذكر أنه شاهد في العيزرية (بيشاني) عددا كبيرا من أشجار الزيتون ، وإلى جانب بيت المقدس شاهد أركولف مدن بيت لحم والخليل وأريحا ، وتحدث عن وجود بساتين واسعة من أشجار النخيل بين أريحا ونهر الأردن. انظر : رحلات في الأردن وفلسطين ، ترجمات ودراسات سليمان الموسى ، الطبعة الأولى ، " دار ابن رشد للنشر والتوزيع" ، عمان ١٩٨٤ م ، ص ١٤.
(٣) المرجع السابق ، نفس الصفحة.
(٤) ويليبالد : وصل إلى بلاد الشام في زمن الأمويين ، وقد نزل إلى طرطوس بطريق البحر ، وكان معه سبعة من رفاقه ، مضى بهم إلى مدينة حمص ، حيث تم اعتقالهم من قبل رجال الأمن اعتقادا منهم أنهم جواسيس ، وقد وضعوا في السجن فترة من الزمن ، وعند ما علم الخليفة بأمرهم اصدر أمرا بإطلاق سراحهم لعدم وجود أية بينة ضدهم. وقد ذهب ويليبالد لزيارة دمشق ومنها انتقل إلى الناصرة ثم طبرية ، وزار نهر الأردن وأريحا وبيت المقدس والخليل. وفي أطراف نابلس مر ورفاقه بسهل واسع تغطيه أشجار الزيتون. انظر رحلات في الأردن وفلسطين ، ص ١٥ ـ ١٦.
(٥) برنارد الحكيم : هو راهب من جبل القديس ميشيل في مقاطعة بريتاني الواقعة شمال غرب فرنسا ، ويمثل برنارد الحكيم ذلك النمط المألوف للمثقفين من أهل أوروبا في عصورها المظلمة الذين أفرزتهم الحركة الرهبانية البندكتية الواسعة التي شملت معظم أرجاء الغرب الأوروبي ، وقد قام برحلته إلى مصر وفلسطين في الفترة الواقعة بين سنتي ٨٦٧ ـ ٨٧٠ م ، ويبدو أنه حضر إلى مصر أولا ومنها دخل فلسطين سنة ٨٧٠ م ، ومر بمدينة غزة ووصفها بأنها مدينة غنية بجميع الأشياء. وبعد ذلك مر بقلعة الرملة وبعدها بقلعة عمواس ومنها إلى بيت المقدس ، حيث نزل ورفاقه في المبنى الذي أنشأه شارلمان ، انظر. علي أحمد السيد ، رحلة برنارد الحكيم إلى مصر وفلسطين ، دراسة تاريخية نقدية ، مجلة لكلية الآداب ، جامعة الاسكندرية ، ص ١٤٨ ، ١٥٧ ، رحلات في الأردن وفلسطين ، ص ١٧ ـ ١٨.
(٦) الحاج سايولف : Saewulf زار الأراضي المقدسة في بداية الحكم الفرنجي الصليبي لها ، وهناك من يشير إلى أن سايولف عبارة عن اسم مستعار فقط ، وقد اتخذه بسبب رحلاته المتكررة ، ولذلك فهو شخصية غير معروفة في التاريخ.
والمخطوطة الوحيدة المعروفة برحلة سايولف ، هي تلك المخطوطة التي استطاع متى باركر ـ رئيس أساقفة كانتربري ـ إنقاذها من الدمار الذي لحق بالمكتبات التابعة للأديرة أثناء حكم الملك هنري الثامن والملك إدوارد السادس.
Cf. Introduction of the Pilgrimage of saewulf to Jerusalem and the Holy Land, trans. by Conon ownlow, London ٢٩٨١.