يقوله الراهب دانيال فإن نهر الأردن يبدأ عند خروجه من بحيرة طبرية ، ويلاحظ بأن جزءا منه فوق البحيرة مجرد نهر كبير يتدفق من بحيرة جينساريت ، وانطلق دانيال من طبرية إلى جبل طابور ، حيث سمع أساطير تتعلق بمغارة ملكي صادق (١) ، والناصرة حيث أسس اللاتين أنفسهم بشكل ثابت ، ثم زار قانا الجليل وعكا ، وبعد أن استقر أربعة أيام ارتحل جنوبا إلى حيفا ، وقيسارية ونابلس ثم إلى بيت إيل ، فبيت المقدس.
وبعد مشاهدته لشعائر نزول" النور المقدس" في كنيسة الضريح المقدس في يوم عيد القيامة الموافق السبت عام ١١٠٧ م. انطلق الحاج الروسي دانيال في رحلة العودة إلى وطنه. وسافر عبر دير الصليب (٢) ، وعين كارم (٣) موطن زكريا ، ومكان ميلاد يوحنا المعمدان (٤) ، ثم إلى عمواس ، ثم إلى يافا ، ومن ثم إلى أرسوف وقيسارية وحيفا ، ثم إلى صور وصيدا ، ثم إلى بيروت ومن غير المؤكد انطلاقه من بيروت فالسويدية ، فميناء انطاكية ، ولكن في كلا الحالين فإنه سار بالقرب من الساحل ، وبعد أن سلب من قبل القراصنة ، انطلق مبتعدا عن ساحل ليسيا قرب باتارا (٥) ، وفي النهاية وصل القسطنطينية بسلام.
__________________
(١) ملكي صادق : هو اسم كنعاني بمعنى ملك البر ـ وسيد العدل ـ ويطلق هذا الاسم على أحد الملوك الكنعانيين الذين حكموا مدينة بيت المقدس (يبوس) وكان ملكي صادق من الموحدين ، كما كان صديقا لسيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٩ ، ق ٢ ، ص ٢٥ ـ ٢٦.
(٢) دير الصليب : أنشأ الفرنجة الصليبيون هذا الدير في القرن الحادي عشر الميلادي في المنطقة الواقعة بين بيت المقدس وعين كارم وقد ألحقت بالدير كنيسة حملت اسم كنيسة الصليب المقدس ، بينما حمل الدير اسم دير الصليب. ويرجح أنه تم تشييد المبنى في بداية الغزو الفرنجي الصليبي للأراضي المقدسة. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ٥٩.
(٣) عين كارم : تقع على بعد سبعة كيلو مترات جنوب غرب بيت المقدس. وهناك إشارة في بعض الكتب إلى أن قرية عين كارم هي موطن النبي زكريا (عليه السلام) والمكان الذي ولد فيه النبي يحيى (عليه السلام). وعين كارم من قرى فلسطين المشهورة بجمالها وحسنها ، فهي محاطة بجمال الطبيعة الخلاب ؛ بسبب ما تحتويه أراضيها من الينابيع والبساتين المزروعة بأشجار الزيتون والكرمة ومجموعة أخرى من الأشجار المثمرة. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ١٥٧. (الترجمة العربية)
(٤) يوحنا المعمدان : هو سيدنا يحيى عليه السلام ، ويروى أنه ولد في إحدى المغاور الواقعة في منطقة عين كارم ، وقد أقام المسيحيون كنيسة في المكان الذي ولد فيه يحيى عليه السلام ، وعرفت هذه الكنيسة باسم كنيسة القديس يوحنا وقام الفرنجة الصليبيون بتجديدها أثناء غزوهم للأراضي المقدسة ، وأعاد الفرنسيسكان بناءها مرة أخرى سنة ١٦٧٤ م. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ١٥٩ (الترجمة العربية).
(٥) باترا أو باتاراPatara : إحدى مدن آسيا الصغرى ، وهي تقع على بعد خمسين ميلا (حوالي ٩٢ كيلو مترا) غرب جزيرة رودوس ، وعلى شاطئ آسيا الصغرى. وقد اشتهرت باترا بهيكلها المفرز لإله الشمس ، واليه كان يحج آلاف من الناس لمعرفة ما تبطنه لهم الأيام في المستقبل وما يخفيه الزمان في طياته من أحداث. انظر : حبيب سعيد : سيرة بولس الرسول ، ط ٣ ، «دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالتعاون مع دار الثقافة المصرية» القاهرة ١٩٨٧ م ، ص ١٧٠ (الترجمة العربية).